ثورة أون لاين:
عندما يرى قفازاً مرمياً في الشارع في مدينته طوكيو، لا يستطيع كوجي إيشي أن يقاوم، فيقف ويلتقط صوراً لتوثيق وجوده، وخلال نحو 16 عاماً، صوّر إيشي عدداً كبيراً من القفازات المفردة المرمية في شوارع طوكيو وخارجها، وحرص على توثيق التواريخ وكلّ التفاصيل المتعلقة بها بدقة.
ويعدّ إيشي البالغ من العمر 39 عاماً هذا الأمر شغفه لكنّه يقول إنّه «لعنة» أيضاً، مضيفاً: «أعيش مع خوف دائم من احتمال وجود قفاز في الجوار، لا يمكنني وصف الأمر سوى باللعنة».
وليس إيشي الوحيد الذي يملك هذا الشغف، ففي أنحاء العالم ظهرت ثقافة مزدهرة لتوثيق القفّازات المفردة المرميّة مع العديد من حسابات على وسائل التواصل الاجتماعي مخصّصة لهؤلاء، مثل «لونغ لوست غلوفز» و«لوست غلوف سايتنغز».
وشارك النجم توم هانكس محبّيه صوراً لإكسسوارات متروكة حتى إنّه شارك أخيراً صورة لقفاز مستشفى مهمل عند إعلانه عن إصابته بـ«كوفيد-19».
يعتبر إيشي الأبرز في تصوير القفازات المهملة، إذ بدأ هوسه في عام 2004 عندما رأى قفاز عامل أصفر اللون مرمياً قرب منزله، وقرّر التقاط صورة له بهاتفه الجديد القابل للطيّ.
ويقول عن تلك التجربة: «شعرت بصدمة مشابهة للإصابة بصاعقة»، ومنذ ذلك الوقت، صوّر أكثر من 5000 قفاز موثّقاً المعلومات الخاصة بها، وكان يعثر عليها مرميّة في الشوارع وفي قنوات المياه أو معلّقة على المخاريط المروريّة أو حتى شواطئ البحر.
وإيشي الذي يعمل في مطعم لا يلمس تلك القفازات، بل يقوم ببساطة بتصوير كلّ واحد منها، ويسجّل تفاصيل عن الموقع الذي عثر عليه فيه.
يرى إيشي أنّ عامل الجذب يكمن في تخيّل كيف وصل القفاز إلى هذا المكان، ومن كان يضعه. ويضيف: «أتخيّل الناس الذين كانوا هنا، شخص ما استخدمه للعمل أو شخص آخر كان لطيفاً والتقطه من الأرض».
فقد طوّر الشاب نوعاً من قائمة تصنيف يحدّد أولاً نوع القفّازات ثم ما إذا كانت لاتزال حيث رميت أو نقلت إلى مكان بارز من قبل أحد الأشخاص، ثم يصف الموقع.
أدّت جائحة كوفيد-19 إلى وضع العديد من الأشخاص القفّازات عندما يكونون موجودين في الخارج من أجل السلامة الشخصيّة، وهو أمر يعتبر الجائزة الكبرى لإيشي.
ففي صيف 2020 قد نرى الكميّة نفسها من القفّازات المرميّة كما في الشتاء، ويشير إلى قفاز جلدي على سياج إلى جانب الطريق: «القفّازات المرميّة ظاهرة ديناميكيّة».
وغالباً ما يزور المكان نفسه مرّات عدّة لمراقبة أيّ تغيّرات، وفي إحدى المرّات صوّر القفاز نفسه أقلّه في ثمانية مواقع مختلفة لكن متجاورة.
اختفى ذلك القفاز أخيراً بعد ثلاثة أسابيع، ويروي إيشي «أدركت أنّ عدم تسجيل موقع قفاز ما اختفى حاليّاً يعني أنّني فقدت قطعة مهمّة».
منذ ذلك الحين، عاد إلى نحو 100 موقع لا يوجد فيها أيّ قفاز، وغالباً ما يلاحظ فيها تغيّر المشهد بما في ذلك مبانٍ مهدّمة أو أعشاب أطول.
وافتتان إيشي بتصوير القفّازات يدفعه أحياناً إلى النزول من الحافلة قبل وصوله إلى وجهته لأنّه رأى قفّازاً.
لكنّه يشير إلى أنّ ذلك غالباً ما يشكّل فرصة لرؤية بعض اللطف في مدينة ضخمة يعتبر سكانها أحياناً باردين.
تتقبّل زوجة إيشي وابنته هوسه وتشاركانه أحياناً مواقع قفّازات متروكة، لكنّه مقتنع بأنّ هناك أشخاصاً آخرين يشبهونه في التفكير، ويتابع «من المفترض أن يكون هناك أشخاص في أنحاء العالم لديهم مشاعر تجاه شيء انفصل عن نصفه الآخر.. أريد أن أجتمع مع هؤلاء الأشخاص في يوم من الأيام.