ثورة أون لاين – فؤاد الوادي:
من حيث التوقيت، يمكن لنا أن نفهم على الفور خلفيات وأبعاد قرار الكيان الصهيوني ضم أجزاء من الضفة الغربية، أو قضمها إذا صح التعبير، والمرجح الإعلان عنه يوم غد، حيث لايزال رئيس حكومة العدو الصهيوني بنيامين نتنياهو أسير الصفعة التي تلقاها نتيجة الانتخابات الإسرائيلية التي أفضت إلى خارطة تحالفات سياسية جديدة أطاحت بحضوره وشعبيته، فيما على الضفة الأخرى لايزال الرئيس الأميركي شريكه في الإرهاب والحماقة غارقاً هو الآخر في أزماته الداخلية التي حطمت جزءا كبيراً من طموحاته وأحلامه بالفوز بولاية رئاسية ثانية بعد تدني شعبيته إلى مستويات دنيا مقابل خصومه السياسيين على خلفية حماقاته الكثيرة خلال المرحلة الماضية، لاسيما فيما يتعلق باستراتيجيته الفاشلة للتصدي لجائحة كورونا والتي أظهرت ضعف حيلته وبلاهته وسذاجته المفرطة في إنقاذ حياة مئات الآلاف من الأميركيين.
على هذه الخلفية، تأتي خطوة الضم الإسرائيلي في هذا التوقيت من أجل تحقيق أهداف وغايات وأجندات إسرائيلية وأميركية، في وقت تعاني فيه سياسة الطرفين من مآزق وإخفاقات كبيرة على مستوى المنطقة والعالم، لاسيما بعد فشل المشروع الصهيو-أميركي في سورية، وهو الأمر الذي زاد وضاعف من استشراس وجنون الأميركي والإسرائيلي على الأرض، حيث انبرى كل منهما للعبث بالواقع المرتسم من خلال التحشيد والتصعيد بكافة السبل والوسائل السياسية والاقتصادية والعسكرية.
قضم أجزاء من الضفة وغور الأردن هو أحد بنود صفقة القرن التي تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية بالكامل واغتيال حقوق الشعب الفلسطيني ومنعه من استرجاع أرضه ووطنه، لذلك من الطبيعي أن يكون هذا التنسيق والتوافق الأميركي والإسرائيلي في هذا الموضوع، برغم الجلبة الصادرة من داخل الولايات المتحدة حول وجود انقسام داخل الكونغرس الأميركي حول الموافقة أو الرفض لقرار الضم الإسرائيلي، إلا أن هذا لا ينفي من جهة حقيقة تكامل الأدوار وتلاقي المصالح والأهداف، ولا يخفي من جهة أخرى الموافقة والمباركة الأميركية الدائمة للشريك الإسرائيلي في الإرهاب والاحتلال والمخططات التقسيمية والتدميرية.
ضمن هذا السياق يمكن أيضاً فهم الموقف الأوروبي الرسمي المريب دائما عندما يتعلق الأمر بالكيان الصهيوني، برغم حالة الرفض الصريحة من قبل الشارع الأوروبي للقرار الإسرائيلي المزمع اتخاذه غدا والذي يعتبر بطبيعة الحال تهديدا للسلم والأمن الدوليين في المنطقة والعالم.
بكافة الأحوال فإن القرار الإسرائيلي الذي ينوي نتنياهو الإعلان عنه لا يحتاج إلى كثير من التحليل المضني لمعرفة غاياته وأبعاده، خاصة إذا نظرنا إليه كجزء أساسي من صفقة القرن، أي أنه جزء لا يتجزأ من المشروع الصهيو- أميركي، الذي يدفع اللاعب الأميركي للعبث والسعي الدؤوب لتغيير وضرب قواعد وحوامل المشهد، وهذا يكون بإشعال جبهات جديدة ونقلها من مكان إلى آخر وفقا لمقتضيات وتطورات المعركة على الأرض.
بكافة الأحوال فإن مثل هكذا قرارات خطيرة إن وجدت طريقها للتنفيذ فإنها ستشرع الأبواب على كل الاحتمالات وسوف تدفع المنطقة إلى أتون تصعيد جديد سوف يطيح بما تبقى من المشروع الصهيو- أميركي، ليس هذا فحسب، بل قد يطيح بنتنياهو وترامب دفعة واحدة، على اعتبار أن حماقة واحدة لا تصنع مجداً، لكنها قد تصنع حرباً.