ثورة أون لاين – ترجمة- ميساء وسوف:
الحصار والإجراءات القسرية أحادية الجانب التي تمارسها الولايات المتحدة على سورية التي عانت من الحرب لأكثر من ثماني سنوات تهدف إلى تجويع السوريين وإحداث الأثر المطلوب لفرض المزيد من العقوبات المجحفة واسعة النطاق التي أقرتها الإدارة الأمريكية بداية حزيران الماضي، والهدف الرئيسي من هذه العقوبات هو منع الدول الأخرى من المساهمة في عملية إعادة الإعمار في سورية، أوالتطبيع الدولي معها رغم المعاناة الكبيرة التي لحقت بالشعب السوري خلال سنوات الحرب.
كما تهدف واشنطن من هذه الإجراءات القسرية الظالمة إلى جعل الظروف الاجتماعية والاقتصادية في البلاد صعبة وسيئة بالنسبة للشعب السوري قدر الإمكان.
لقد تم تمرير هذا الاجراء الأمريكي من قبل كلا الحزبين في الكونغرس العام الماضي ووقع عليه الرئيس دونالد ترامب، وكانت سورية وقتها بالفعل ترزح تحت نير العقوبات الأمريكية، لكنّ الجولة الأخيرة من القيود تهدف إلى خنق كل الاستثمارات الدولية والتجارية المحتملة معها.
والجدير بالذكر أن الاتحاد الأوروبي أيضاً جدّد عقوباته على سورية تماشياً مع العقوبات الأمريكية، إنّ مثل هذه الشراكة مع الولايات المتحدة تستحق الإدانة والشجب بسبب الإفلاس السياسي والأخلاقي للاتحاد الأوروبي.
بينما نددت كل من روسيا والصين وإيران بهذه الخطوة ووصفوها بأنها “غير إنسانية”، وقال مبعوث سورية الدائم لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري إن الخطة الأمريكية للحظر أظهرت “وجهاً جديداً للإرهاب”.
إن اعتراف واشنطن بأن القيود تهدف إلى منع الانتصار العسكري وهو أمر واضح، فواشنطن وقوى الناتو الأخرى قامت برعاية العدوان الأجنبي على سورية، ولكن هذه المؤامرة الشرسة هزمت بفضل شجاعة الشعب السوري وقواته المسلحة، إلى جانب الدعم الحاسم من قبل الحلفاء روسيا وإيران والعراق والمقاومة اللبنانية، والآن وبعد أن فشلت واشنطن في ساحة المعركة، فهي تتابع هدفها الإجرامي من خلال فرض العدوان الاقتصادي المتمثل بقانون” قيصر” لخنق الشعب السوري ومحاربته في لقمة عيشه.
إن كل ما يجب أن يقال هو أن هذا القانون هو انتهاك صارخ للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، وأن الممارسات الأمريكية تعادل جرائم نورمبرج التي تحدد جرائم الإرهاب التي ترعاها الدولة، والعقوبات التي كشف النقاب عنها ليست سوى فتح جبهة جديدة للهجوم على سورية.
كما أن العقوبات الأمريكية الأخيرة هي عمل وحشي بائس من قبل واشنطن، فإذا كان هناك أي عدالة سائدة في هذا العالم، فيجب على واشنطن أن تقوم بدفع تعويضات ضخمة لسورية لأنها هي التي شنت هذه الحرب العدوانية، وليس فقط الولايات المتحدة، ولكن كل أولئك المتواطئين والمشاركين في هذه الجريمة مثل بريطانيا وفرنسا وتركيا والمملكة العربية السعودية وقطر و”إسرائيل”.
ومع ذلك فإن العدوان المتجدد سوف يأتي بنتائج عكسية، فصورة أمريكا الدولية بدأت تتقهقر بسرعة بسبب سلوكها العدواني على العالم ككل. ففي وقت تفشي جائحة فيروس كورونا الذي انتشر عالمياً وبسرعة رهيبة، وبدلاً من التعاون مع بقية الدول في الاستجابة للوباء قامت واشنطن بتكثيف العقوبات بلا هوادة ضد العديد من الدول بما في ذلك سورية وإيران وفنزويلا وروسيا والصين، وكذلك كوبا وكوريا الشمالية.
إن محاولات منع إعادة إعمار سورية لن تؤدي إلا إلى تحفيز الدول الأخرى على مضاعفة جهودها لترسيخ بديل للنظام المالي الذي تهيمن عليه الولايات المتحدة، وقد تعهدت إيران بتجاهل العقوبات الأمريكية على سورية، وكذلك فعلت روسيا والصين وفنزويلا وغيرها العديد من الدول الأخرى.
لقد فشلت واشنطن في إخضاع الدولة السورية على الرغم من إلحاق إرهاب لا يوصف من خلال تجنيد العصابات الإرهابية من جميع أنحاء العالم للقيام بأعمالها القذرة في شن حرب كونية مدمرة عليها.
إن تكاليف إعادة الإعمار قد تصل إلى تريليونات الدولارات، لكن المرحلة الجديدة من العدوان الاقتصادي الأمريكي ستفشل أيضاً، كما فشل العدوان العسكري، وذلك بسبب صمود سورية إضافة إلى التضامن الدولي معها.
إن طغيان واشنطن واستبدادها يخلقان بوابة لإعادة تنظيم جيوسياسي عالمي جديد، والذي سيشهد زوال قوة وهيمنة الإمبريالية الأمريكية نهائياً.
المصدر: Strategic Culture Foundation
