الملحق الثقافي:سلام الفاضل:
يقول الشاعر الروسي الكبير ألكسندر بوشكين: «المترجمون هم الأحصنة التي تجرُّ عربات الثقافة والتنوير العالمية». وتتبدى لنا من مقولة بوشكين هذه، وغيرها من المقولات التي سيقت على ألسنة العديد من الكتّاب، الأهمية التي باتت الترجمة تلعبها في عالم اليوم، فهي لم تعد مجرد وسيلة للاطلاع على آداب الشعوب ومعارفها فقط، بل غدت تتخلل الجوانب الحياتية اليومية في عالمنا المعاصر إلى درجة بتنا لا نستطيع معها أن نمارس حياتنا الخاصة أو العامة من دونها.
وانطلاقاً من هذا الدور المحوري الذي تضطلع الترجمة والمترجمون به، فإن الهيئة العامة السورية للكتاب قد اعتادت في كل عام إقامة ندوة وطنية للترجمة بمناسبة اليوم العالمي لها، الذي يصادف في 30/9، لتقوم لاحقاً بإصدار كتاب يتضمن فعاليات هذه الندوة، والكتاب الذي نختصّ به اليوم يحمل عنوان (الترجمة في سورية.. مشكلات وحلول)، إعداد وتقديم: حسام الدين خضور، ويتناول الندوة الوطنية للترجمة التي عُقدت في مكتبة الأسد الوطنية عام 2017.
واقع وآفاق
رأت الدكتورة لبانة مشوّح في مداخلتها، أن مشكلات الترجمة في سورية يمكن تصنيفها ضمن فئتين رئيسيتين هما: المشكلات التنظيمية وهي التي تكبل المترجم، وتقف حجر عثرة في طريق ازدهار الترجمة. والمشكلات المعرفية وهي الأشد والأدهى، إذ تتصل بمستوى المترجم المعرفي اللغوي والثقافي في اللغتين المصدر والهدف، وبمعارفه النظرية في الترجمة، وهو تحديداً ما يزوده بالمهارة والحذق المهني، ويرتقي بالترجمة إلى مصاف الإبداع.
لتعرض مشوّح جملة من الإجراءات التي يمكن لها النهوض مجتمعة بواقع الترجمة في سورية، منها: إيلاء تعليم اللغات الأجنبية الأهمية التي تستحق، ووضع خطة وطنية استراتيجية لترجمة أبرز العناوين في شتى حقول المعرفة.
من جهته طرح المترجم ثائر زين الدين مشكلة ضعف بعض الترجمات، إذ رأى بأننا بدأنا نقرأ عشرات الترجمات التي تصدى لها أشخاص لا يعرفون لغتهم الأم جيداً؛ ربما كان بعضهم يتقن لغة النص الأصلية، لكنه ينبري للترجمة ظاناً أن ذلك يكفي وهو من قبل لم يكتب في حياته نصاً أدبياً ولا حتى خاطرة، ومثل هؤلاء المترجمين يفسدون لغة القارئ، ويخربون ذائقته، فيتصدون لفعل الكتابة الإبداعية وجعبتهم فارغة إلا من الركاكة والضعف.
في حين تحدثت الدكتورة خزامى الجمّال عن الترجمة العلمية وأهميتها نتيجة التطور السريع الذي تشهده المجالات العلمية والتقنية، إذ رأت بأنها أصبحت ضرورة ملحة لا غنى عنها. وتناولت الدكتورة ميسون علي إشكالية ترجمة المسرح المعاصر.
المترجم بين الحق والواجب
ورأى الأستاذ عدنان جاموس أن مترجم النص الأدبي عند ترجمته لا بد أن يكون قد قرأ النص بكامله، وتفاعل معه، وأحس برغبة صادقة في ترجمته واثقاً بأنه سيستمتع بذلك مهما بذل من جهد وخصص من وقت.
أما د. ريم الأطرش، فقد تناولت في محورها الأخطاء في الترجمة من الفرنسية إلى العربية والحلول المقترحة، ورأت أن أخطاء المترجم في معظمها ذات صلة وثيقة بلغته الأم. وعلى المترجم أن يكون قادراً على فهم الفكرة المعنية، ونقلها والتعبير عنها بدقة كبيرة.
وطرح أ. حسام الدين خضور في مداخلته عدداً من المقترحات منها: الفصل بين التأليف والترجمة، والإسراع في وضع خطة تنفيذية للمشروع الوطني للترجمة، وإنشاء رابطة للمترجمين العاملين في ميادين الترجمة.
وأضاء الدكتور فؤاد الخوري على مسيرة المعهد العالي للترجمة في جامعة دمشق. في حين تطرقت الأستاذة ناهد هاشم للحديث عن دور الترجمة في الأزمات السياسية متخذة الأزمة السورية مثالاً. وعرج الباحث الدكتور جمال شحيد على كيفية تعامل المترجم مع النصوص الصعبة. تلا ذلك الدكتورة لميس العمر التي تحدثت عن الترجمة الفورية بين النظرية والتطبيق، ودعت إلى تأسيس مرجعية مهنية قادرة على ضبط معايير مهنة الترجمة الفورية قانونياً وعملياً وأخلاقياً، ورفع الوعي حول أهميتها.
التاريخ: الثلاثاء7-7-2020
رقم العدد :1004