في العبور إلى ضفة الآخر

 الملحق الثقافي:رشا سلوم:

ثمة قول يردده علماء الاجتماع، مفاده أنك لست أنت إلا بالآخر، ولا يمكن أن تكتمل هويتك وتعرف إلا من خلال الآخر الذي يكتمل بك وتكتمل به من خلال التفاعل الثقافي والمعرفي والحضاري. والسبيل إلى ذلك تلاقح الفكر والثقافات. وهذا لن يكون إلا من خلال الترجمة إذا ما أردت لمداك المعرفي أن يكون واسع الطيف.
الترجمة هي فعل مبني على المعرفة التي يحملها النص المترجم ودلالاته وما يضيفه إلى اللغة المترجم إليها. هذا يعني ثراء فكرياً وثقافياً واجتماعياً وقدرة على جسر الهوة بين الجميع.
الترجمة فعل حضاري ثقافي مارسه الإنسان منذ أن وعى لسان الآخر وفكره. وقد نشأت نظريات كثيرة في الترجمة وتعددت المدارس التي قدمت دراسات مهمة في هذه النظرية. وخرج الجميع من دلالات أن الترجمة فعل حرفي بمعنى نقل الكلمة أو الجملة من لغة إلى أخرى، وإنما القدرة على الغوص في الدلالات والمعاني وما تحمله النصوص المثقلة بذلك.
بهذا المعنى يأتي كتاب «التأويل سبيلاً إلى الترجمة»، وهو لمجموعة من المنظرين في الترجمة نذكر منهم: ماريان لودورير، دانيكا سيليسكوفيتس، ترجمته إلى العربية الدكتورة فايزة القاسم.
والنقطة الأساس في نظرية التأويل سبيلاً للترجمة، تنطلق من أن فهم الترجمة يقتضي أن نفهم ما وراء الألفاظ، ثم أن نعبر عن معنى منعتق من غلافه اللفظي. إن نظرية المعنى التي هي أس للدراسة هي نظرية بمعنى الكلمة، لأنها تشرح ظاهرة الترجمة وتكشف عن المظاهر الأساسية لعمل اللغة. وتقوم هذه النظرية على أن آلية الترجمة هي نفسها أياً كانت اللغات وأنواع النصوص. فالانتقال من النص إلى فكر غير لفظي ومنه إلى نص آخر، انتقال مستقل عن اللغات.
إن ترجمات نص هي بشكل ما تاريخه ولكنه تاريخ ينطوي على صراع واختلاف. ذلك أن الترجمة لا يمكن أن تقوم إلا كعمليات تجديد وتحويل، وهي لا تهدف إلى أن تكون نسخة طبق الأصل، بل هي استراتيجية لتوليد الفوارق وإقحام الآخر في الذات. إنها ما يفتح الثقافة، ما يفتح اللغة على الخارج، ما يفتح النصوص على آفاق لم تكن لتتوقعها ولا تتوخاها.
الترجمة لا تحول النص المترجم فحسب، فهي عندما تحوله تحول بالوقت نفسه اللغة المترجمة، ذلك أن ماهية الترجمة كعملية تحويل تمثل حتى داخل اللغة الواحدة نفسها.
وهذا يبرر القول: لا تنقل لغة إلى أخرى وإنما تترجم اللغة ذاتها. وكل لغة ما دامت حية لابد أن تتكاثر وينمو قاموسها، من أجل ذلك فهي تعيش على الترجمة وبالترجمة. وهذا يقابل المثاقفة الذاتية.

 التاريخ: الثلاثاء7-7-2020

رقم العدد :1004

 

 

آخر الأخبار
مستشفى دمر التخصصي بالأمراض الجلدية يفتح أبوابه لخدمة المرضى الاستثمار في سوريا قراءة في تجارب معرض دمشق الدولي الليرة تتراجع والذهب يتقدم "تجارة حلب".. إعادة تنشيط الحركة الاقتصادية مع وفد تركي "إدمان الموبايل".. خطر صامت يهدد أطفالنا د. هلا البقاعي: انعكاسات خطيرة على العقول السباق النووي يعود إلى الواجهة.. وتحذيرات من دخول 25 قوة نووية جديدة ترامب: اتفاق وشيك لوقف إطلاق النار في غزة.. و"حماس" مستعدة للتفاوض الحرب الروسية - الأوكرانية.. بين "التحييد الاستراتيجي" والتركيز على "العمليات الهجومية" أسماء أطفال غزة تتردد في شوارع مدريد العراق يعيد تأهيل طريق استراتيجي لتنشيط التجارة مع سوريا التحولات السياسية وانعكاسها على رغبة الشباب السوري المغترب بالعودة "الرحمة بلا حدود" وتعاون مشترك لبيئة تعليمية آمنة السعودية تطلق مشروع إعادة إعمار منطقة دمشق ‏مجموعة ألفا.. منصة للابتكار والتواصل الدولي مساعدات قطرية بقيمة 45 مليون ريال للقطاع الصحي بين الاجتماعات وإطلاق الحملات.. هل تنجح الخطط في الحد من التسول!؟ بعد سقوط النظام المخلوع.. تراجع طلبات لجوء السوريين في الاتحاد الأوروبي تجفيف العنب والتين وصناعة قمر الدين تراث غذائي المبادرات الاقتصادية السعودية في سوريا.. التنمية كمدخل للاستقرار السياسي هل يكسر "أسطول الصمود" حصار الغزاويين..؟