الملحق الثقافي:حبيب الإبراهيم:
يشكل المثقف في أي مجتمع الطليعة الواعية والواجهة الأمامية للمشهد الثقافي، لأنه الأقدر على التقاط اللحظة وتحليل الحدث ومحاكاة الحلول بديناميكية وواقعية، والمثقف سواء أكان شاعراً، كاتباً، صحفياً، فناناً.. عندما يتعرض الوطن للأزمات والكوارث والنكبات والحروب عليه أن يكون في المقدمة، في طليعة المدافعين عن الوطن، بالكلمة المبدئية والصورة المعبّرة، بعيداً عن المواقف الرمادية والهلاميّة. عليه أن يمتشق قلمه ويواكب التطورات بعيداً عن الأبراج العاجية والطقوس الغليونيّة. عليه أن يكون أكثر التصاقاً بالناس لأنه الأقدر على تصوير واقعهم والنطق باسمهم. هو نبضهم وصوتهم وبوصلتهم التي يرون فيها تشخيصاً دقيقاً للواقع وآثاره.
علي المثقف -الحقيقي- صاحب الفكر النيّر والكلمة المسؤولة أن ينشر الأفكار الإيجابية بين الناس ويطوّق بعمله وعلمه وثقافته الأفكار السلبيّة الهدامة، بعيداً عن التهويل والتهليل والتضليل.
المثقف بحكم تمرسه بالحرف والكلمة الطيبة هو الأقدر علي صوغ الحلول، بعيداً عن العقد المجتمعية والانفعالات الآنية، وتقديمها للناس لتشكل رأياً عاماً في المجتمع وأمام أصحاب القرار.
عندما يتخلّى المثقف عن دوره الريادي التنويري، سنجد الكثير من مدّعي الثقافة في الواجهة وستزداد الأزمات تأزماً وتعقيداً.
عندما يتخلى المثقف عن دوره الريادي يتحوّل إلى مزور للتاريخ والأحداث بانسياقه وراء أهداف لجهات مأجورة، يتحول إلى بوق ينفث سمومه تجاه الوطن الذي عاش فيه وشغل أمكنة هامة في صدارة المشهد الثقافي. هؤلاء تخلّوا في لحظة ما عن دورهم التنويري تجاه مجتمعهم وعملوا تخريباً وتزويراً للذاكرة الجمعية الوطنيّة بكل جمالها وبهائها، ألوانها الزاهية البديعة، تنوعها الغني.
عندما يتخلى المثقف عن دوره التنويري، يصبح خارج سياق المنظومة الوطنية والأخلاقية للثقافة، يصبح أداة هدّامة غايتها تقويض بنيان الوطن وتشويه صورته في أعين أبناء وطنه أولاً ومن ثم أعين الجميع.
التاريخ: الثلاثاء14-7-2020
رقم العدد :1005