ثورة أون لاين – سامر البوظة:
الحنين إلى الماضي الاستعماري البغيض للدول الأوروبية، لا ينفك يدغدغ مشاعر المسؤولين الغربيين، الذين يحاولون الركوب على موجات الأزمات الدولية التي يفتعلونها، أو يساهمون بإحداثها لتحقيق أطماعهم الاستعمارية، ويشاركهم بذلك نظام أردوغان الساعي لإعادة عهد الإمبراطورية العثمانية البائدة التي قامت على القتل وارتكاب المجازر الجماعية بحق الشعوب الأخرى.
ومن هذا المنطلق اعتبر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أنّه من الأهمية بمكان أن تضع أوروبا يدها بشكل مباشر على الملفّات الجيوسياسية في منطقة البحر المتوسط كي يكون مصيرها بين يديها وليس بين أيدي “قوى أخرى”، في إشارة واضحة للأطماع التركية التوسعية، وشدد على وضع سياسة أوروبية حقيقية للبحر الأبيض المتوسط،معتبرا ذلك أمرا ضروريا وملحا حسب تعبيره.
وقال ماكرون في كلمة وجهها لقواته المسلحة: إن منطقة البحر الأبيض المتوسط ستشكل تحدي السنوات المقبلة، إذ إن عوامل الأزمات فيها عديدة،مشيرا إلى النزاعات على المناطق البحرية، والمواجهات بين الدول المتشاطئة، والأزمة الليبية، والهجرة، والتهريب، والوصول إلى الموارد.
وإذ لفت ماكرون إلى “لعبة قوى جديدة”، شدّد على “وجوب أن تعيد أوروبا تحديد دورها ومكانتها هناك، من دون سذاجة ومن دون تهاون” حسب تعبيره، وأضاف أنّه “لا يمكن لمنطقة البحر الأبيض المتوسّط أن تبني سلاماً دائماً من دوننا، ولا يمكننا أن نقبل بأن تبني قوى أخرى مستقبلنا”، وتناسى ماكرون حقيقة التبعية الغربية المطلقة للولايات المتحدة، التي لم تزل تحدد كل خيارات وتوجهات الدول الأوروبية.
وفي ما يتعلق بليبيا زعم الرئيس الفرنسي أن استقرارها أساسي لأمن أوروبا ومنطقة الساحل، داعيا إلى الاستئناف الفوري للمفاوضات ولحوار سياسي، بغية التوصل إلى وقف لإطلاق النار،وضرورة وضع حد لتدفق الكميات الهائلة من الأسلحة والمرتزقة إلى هذا البلد، متجاهلا أن بلاده هي من أشرفت على غزو الناتو للشعب الليبي بهدف نهب نفطه وخيراته، قبل أن يدخل نظام اللص أردوغان على خط التدخل السافر في الشؤون الليبية للغرض ذاته، واستقدم إليها آلاف المرتزقة الإرهابيين لتحقيق أطماعه العثمانية.
يشار إلى أن العلاقات بين أنقرة وباريس شهدت في الآونة الأخيرة خلافات كبيرة حول عدة مواضيع، وتصاعدت التوترات بينهما إلى نحو غير مسبوق، لا سيما بعد وقوع حادث بحري بين سفينتين حربيتين فرنسية وتركية، وتبادل الاتهامات بينهما،الأمر الذي تفاقم ووصل حد الانزلاق إلى مواجهة ونزاع بين البلدين, وهو ما أعلنه رئيس الأركان الفرنسي الجنرال فرنسوا لوكوانتر في مقابلة مع صحيفة لوموند أمس: أنه إذا لم يكن هناك خطر للانزلاق إلى نزاع مع الأتراك، فبالمقابل، نحن بكل وضوح في حالة تصعيد، إذ إن المواضيع الخلافية كثيرة بين البلدين.
وفي نهاية حزيران فتح حلف شمال الأطلسي تحقيقا بعد اتهام وجهته باريس لأنقرة بقيام زورق حربي تركي بعمل عدواني للغاية تجاه الفرقاطة الفرنسية “كوربيه”, التي كانت تشارك في إطار عملية “إيريني” الأوروبية في البحر المتوسط، بتفتيش سفينة شحن يشتبه في نقلها أسلحة إلى ليبيا.
وأوضح رئيس الأركان الفرنسي أنه بعد الحادثة تحاول فرنسا مع الأوروبيين أن يكون موقفها أكثر صرامة في مواجهة انتهاكات القانون الدولي من قبل الأتراك.
