رغم حالة الصدمة التي تظهر على وجوه الناس بعد سماعهم عن تلك الأرقام المعلنة عن حجم الفساد المالي والإداري وما ينتج عنه من هدر واختلاس للمال العام، فإن كل ذلك غالباً ما يترافق مع غصة بالحلق والقلب معاً وسلة مملوءة بالتساؤلات تتردد على لسان كل مواطن كان بمرمى الآثار المدمرة لعمليات الفساد والفاسدين، وقبله اقتصاد وخزينة الدولة، ومن أهمها: هل كان لتلك المليارات أن تتراكم وتصل لأرقام صادمة ومخيفة لولا التراخي وغض الطرف أولاً وقبل كل شيء من أجهزة رقابية تمتلك صلاحيات واسعة لم تمارسها إلا في حدود ضيقة وخجولة يجب أن تحاسب عليها قبل غيرها؟ وإن كانت المحاسبة نفذت وفق القانون بحق عشرات إن لم نقل مئات الفاسدين وفي مختلف المراتب الوظيفية ليكونوا عبرة لغيرهم لا أن تقتصر الإجراءات بحق هؤلاء على الإقالة والذهاب للمنزل هل كان لأحد أن يتجرأ على دخول طريق الفساد بجرأة ووقاحة؟.
تساؤلات حتماً ليست بجديدة وتطرح على مدى سنوات من الناس والإعلام والمختصين بالشأن الاقتصادي لو استطاع أصحاب القرار الإجابة عنها لما وصلنا لهذه المرحلة التي تعد الأسوأ، وما يؤكد ذلك حديث رئيس الجهاز المركزي للرقابة المالية مؤخراً عن أن المبالغ المكتشفة المطلوب استردادها لمصلحة الخزينة العامة للدولة من الجهات العامة من القطاعين الإداري والاقتصادي تجاوزت الـ13 مليار ليرة العام الماضي منها 5,4 مليار سببها الفساد.
في زحمة الأخبار المتداولة حالياً عن توجهات للمضي قدماً في محاربة الفساد والفاسدين ومحاسبتهم وهي من دون شك حاضرة دائماً تنفيذاً وقبل كل شيء للقانون ولإعادة حق الخزينة العامة للدولة وحقوق الناس، يبقى الأهم التنفيذ من قبل الجهات والأجهزة المعنية على اختلاف اختصاصاتها وتلمس نتائج سريعة ليس فقط على صعيد الفساد المالي وإنما أيضاً على الفساد الإداري الذي لا يقل خطورة إن لم يوازِ بأثره المدمر الفساد المالي.. وغني عن القول إن وجود شخص ضعيف وغير مبادر بأي موقع قرار هو باب عبور سهل الاختراق والسيطرة عليه من الفاسدين.
الكنز- هناء ديب