ثورة أون لاين -حسين صقر:
كان يُعتقد سابقاً أن الجلطة أو النزيف الدماغي، يمكن أن يتلفا بعض الأنسجة دون القدرة على ترميمها، لكن أبحاثاً علمية جديدة أظهرت أن البالغين من هؤلاء المصابين و الذين فقدوا القدرة على الكلام بعد الإصابة بالسكتة الدماغية، قد يتمكنون قريباً من النطق مرة أخرى، ولاسيما أنه يتم العمل على نقل اللغة للجانب السليم من الدماغ الذي يعدُّ عضواً نبيلاً.
وفي هذا السياق أكدت الاختصاصية في تشخيص أمراض النطق والكلام سوسن طلب أن من يصابون بالجلطة الدماغية يعانون مما يسمى الحبسة الكلامية، ويعلم العديد ممن يراقب حالتهم مدى الضيق الذي يسببه وجود كلمة “على طرف اللسان”، مع عدم القدرة على الإتيان بها، ولاسيما أن ذلك يتكرر بشكل يومي لدى هؤلاء، ما يجعل الآخرين غير قادرين على فهم ما يريدون قوله، و وأضافت طلب أن الحبسة هي اضطراب ينجم عن إصابة الدماغ بالسكتة أو أي ضرر آخر يؤثر سلباً على عملية معالجة اللغة، التي تعبر عن شخصية الإنسان، لأن اضراب اللغة وعدم القدرة على إيصال المعلومة بشكل مفهوم للآخرين يعيق التواصل بشكل كبير، ويؤدي إلى مشكلات تتفاقم وتزداد كلما طالت الفترة بعد الإصابة، وهو ما يجعل أيضاً حياة هؤلاء الأشخاص تختلف بشكل جذري بعد إصابتهم، الأمر الذي يجعلهم عرضة للكثير من المعوقات الحياتية والسلوكية.
وقالت طلب: على الرغم من الانتشار الكبير لهذه الاضطرابات إلا أن دراسة مشكلات الكلام لدى هذه الفئة من المرضى لم تنل الاهتمام الكافي الذي تتطلبه، وخاصة ان للحبسة ثمانية أنواع تقريباً إلا أن هناك نوعين منها وهما:
حبسة بروكا، والتي تسمى أيضا بالأفازيا اللفظية أو الشفوية، حيث يعاني المرضى من الاحتباس في الكلام وعدم القدرة على إطلاقه، وكذلك عدم القدرة على القراءة بصوت مسموع أو إعادة الكلمات المسموعة، حيث يكون المصاب بهذه الحبسة كلامه قليلاً وبطيئاً، كما يكون صعباً ومكسراً، ولا تحكمه قواعد سليمة، ولا تربط بين كلماته اي روابط أو أدوات نحوية، و ينطق كلمات متقطعة، معظمها كلمات مفردة.
واوضحت ان الدراسات تشير أن أفازيا بروكا غالباً ما تنجم عن عملية احتشاء الجزء الجبهي والجداري الأمامي من المخ بسبب انسداد خثري في الفرع العلوي للشريان المخي الأمامي الأيسر، كما يمكن أن تنجم عن نزيف كبير في الشريان اللحائي، بسبب فرط التوتر الشرياني كما قد تنتج الأفازيا الحركية عن ورم في الفص الجبهي.
وهناك أيضاً حبسة فيرنكي
وهذا النوع من الحبسة يظهر نتيجة إصابة المنطقة الخلفية من التلفيف الصدغي الأول والثاني، و التي تضم كل الاضطرابات اللغوية باستثناء اضطرابات النطق، حيث يتميز كلام المريض بمفردات عشوائية، لأن الكلام يفقد قيمته الدلالية، بسبب إنتاج المريض كلمات مستبدلة بشكل غزير، فيصبح كلامه اختلالياً من الناحية التركيبية، ولهذا نجد اضطراباً كبيراً في الفهم، لأنه يعاني من صعوبة فك رموز اللغة الموجهة له وهذا ما يسمى بالصمم اللفظي أو الرطن ويصاحبه اضطراب ابراكسيا ومشاكل في الحساب، بالإضافة لصعوبة في التعرف على الأشكال والتوجه المكاني .
و اوضحت طلب ان الشخص المؤهل للتعامل مع هؤلاء المرضى وعلاج مشكلة الكلام أو مشاكل البلع لديهم هو اختصاصي تقويم الكلام واللغة المرخص من وزارة الصحة لمزاولة المهنة.
في الختام وبناء عليه فإن الأبحاث الجديدة أثبتت إمكانية “إعادة تأهيل الدماغ” حتى يتعلم العمل بشكل مختلف، عن طريق ما يسمى “اللدونة الدماغية”، التي تُعرف بقدرة الجهاز العصبي على تغيير تركيبه وعمله طوال حياته، كرد فعل على اختلاف البيئة.
وأظهرت نتائج عمليات المسح التي أُجريت على الأطفال والشباب الذين عانوا الإصابة بالسكتة الدماغية عند الولادة، وهي حالة نادرة يُعتقد أنها تؤثر على واحد من بين أربعة آلاف طفل عند الولادة، قدرة الدماغ على إعادة تجديد أنسجته، ما يجعل القدرة على تعلُّم اللغة تظهر في المنطقة المقابلة بمثابة مرآة عاكسة للجانب الأيسر العادي