الثورة أون لاين – نهى علي:
بدأت وزارة النقل بمعالجات مكثّفة لمشكلة اتخذت طابعاً تراكميّاً، بسبب تركها على مدى عقود من الزمن من دون معالجة، ربما نظراً لضعف الإمكانات وتواضع الأدوات اللازمة للحلّ، وهي مشكلة ركام السفن الجانحة والحطام الذي هو عبارة عن عائق غير ظاهر لحركة الملاحة.
وقد أعلنت المديرية العامّة للموانئ، استنفاراً لاستدراك هذه المشكلة، من منطلق إدراك وتلمّس حجم مخاطر السفن والبواخر الجانحة وحطامها البحري القابعة في أحواض المرافئ السورية، حيث تشكّل هذه السفن عوائق أمام الحركة الملاحيّة تتمثّل في عدم قدرة المرافئ على استخدام أحواضها بالشكل الأمثل، كما أنّ بقاءها دون إزالتها يعوق العمل الملاحي البحري لجهة حركة آليات المرافئ “روافع – زوارق – قواطر..الخ”، إلى جانب أنها تتسبّب بكوارث بحريّة يكون مداها على البنى التحتيّة للمرافئ.
لكن ما يعوق حلّ هذه المشكلة حسب أهل الاختصاص هو عدم قدرة الجهات البحرية على إزالة هذه السفن وذلك لافتقارها لورش عمل فنّيّة قادرة على إزالة هذه السفن الجانحة، كما تفتقر هذه الجهات إلى الكوادر المؤهّلة لتقطيع الحديد تحت المياه، وأمام هذا الواقع كان لا بدّ للمديرية العامّة للموانئ من اللجوء إلى عرض مزادات بين الفينة والأخرى يراد منها بيع هذه السفن، وهنا تشير إحصائيات صادرة عن المديرية إلى وجود أكثر من عشرة سفن جانحة موزّعة بين مرفأي طرطوس واللاذقية.
وتلفت مصادر وزارة النقل إلى متابعة مديرية الموانئ لهذا الملف وعرضه في المزادات، وذلك بهدف التخلّص منها، حيث تستند المديرية في ذلك إلى توصيات رئاسة مجلس الوزراء بهذا الخصوص، وإلى أحكام القانون 36 لعام 2003 الخاص بالكوارث البحرية والحطام البحري.
بدورها تلفت مديرية الموانئ إلى أن آخر مزاد جرى قبل أسابيع قليلة للسفينة التنزانية ماري مون “التوفيق” الراسية في حوض ميناء طرطوس وتم من خلاله بيع السفينة المذكورة بمبلغ وصل إلى 170.500 مليون ليرة سورية، والهدف من البيع هو ترحيل السفينة من مكانها تجنّباً لحدوث أيّ كارثة بحرية، حيث أعطي المالك وهو من رسا عليه المزاد أمر المباشرة بالتنفيذ لإزالة السفينة المذكورة خلال مدّة شهر واحد اعتباراً من الرابع من الشهر الفائت.
وفي السياق ذاته لا بدّ من الإشارة إلى وجود العديد من التوصيات الاقتصادية بهذا الخصوص أبرزها التوصية رقم 2 تاريخ 19/1/2017 التي أشارت إلى منح المتعهّد مهلة غير قابلة للتمديد لاستكمال تنفيذ أعمال عقده المبرم مع المديرية العامة للموانئ لإزالة السفن الجانحة وحطامها البحري محسوبة على أساس المدّة الزمنية المنصوص عليها في العقد، منقوصاً منها أيام العمل الفعلي التي تمّت خلال الفترة الماضية تحت طائلة فسخ العقد في حال عدم الالتزام بالمدّة الممنوحة، كما أشارت التوصية إلى أن المتعهّد غير ملزم بإعطاء الخردة لمعمل حماة أو القطاع الخاص، وذلك تأييداً لرأي بعض الجهات الاستشارية، كما أنّ آخر توصية صدرت بهذا الخصوص كانت بالجلسة رقم 16 تاريخ 6/4/2017 المتضمّنة الموافقة على استكمال إعادة تصدير الخردة الناتجة عن تقطيع السفن الجانحة للعقود المبرمة مع الموانئ لإزالة السفن الجانحة، وذلك استثناء من قرارات وتعليمات رئاسة مجلس الوزراء القاضية بعدم السماح بتصدير خردة الحديد وخردة المعادن تحت أي تسمية ومن أيّ بند جمركي، بحيث يقع على عاتق وزارة النقل التدقيق في كميات الخردة التي سيعاد تصديرها ومدى التزام المتعهّدين بالمدد الزمنية لتنفيذ العقود المبرمة لإزالة السفن الجانحة مع تكليف وزارة النقل التدقيق في تطبيق أحكام القانون 36 لعام 2003 على جميع العقود المبرمة مع الموانئ لإزالة السفن الجانحة.
يشار إلى أن الفقرة أ من المادة 13 من القانون 36 لعام 2003 الخاص بالكوارث البحرية والحطام البحري، تؤكّد أنّه إذا أخفقت المناقصة أو تعذّر على المديرية التعاقد بالتراضي من أجل إزالة السفينة، تبادر المديرية بعد انقضاء شهرين على وقوع الكارثة إلى بيع السفينة المذكورة بالمزاد العلني بالقيمة التخمينية المقدّرة لها وفق حالتها الراهنة عند الكشف عليها من لجنة يشكّلها المدير العام لهذه الغاية، ويلتزم من رسا عليه المزاد بإزالة السفينة وحطامها ضمن مدّة تحدّدها المديرية العامة، وتستثنى المديرية من تطبيق الأحكام النافذة المتعلّقة بإجراءات التعاقد، ما عدا شرط التأمينات وشرط غرامات التأخير.
بقي أن نشير إلى أنّ مشكلة السفن الجانحة وحطامها المتراكم، قد ظهرت في الأعوام الأخيرة بعد جنوح بضع سفن بشكل متتالٍ، بسبب العواصف البحرية التي حدثت بشكل غير معهود قبالة الشواطئ السورية، وقد جنحت عدّة سفن خلال السنوات الأخيرة، وتشكّل هذه الظاهرة حالة طارئة لم تحسب لها السلطات البحريّة حساباً في السابق، وتبدو مشكلة مؤرّقة نظراً لصعوبة ترحيل الحطام المتراكم، وتكاليفه العالية التي يستلزمها استخدام معدّات عملاقة.