ثورة أون لاين – عائدة عم علي:
بعدما سبب سوء إدارته لأزمة كورونا بمقتل عشرات آلاف الأميركيين، أقرّ الرئيس الأميركي دونالد ترامب للمرة الأولى بأن فيروس كورونا المستجد يأخذ أبعاداً “مقلقة” في أجزاء من الولايات المتحدة.
وفي تغيير واضح للهجته بعد استخفافه الطويل بالفيروس، قال ترامب: إنّ أزمة كوفيد-19 “ستسوء حتماً، للأسف، قبل أن تتحسّن، أنا لا أحبّ أن أقول ذلك لكن هذه هي الحقيقة”،لافتاً إلى تسجيل “زيادة مقلقة في حالات الإصابة بالفيروس في أجزاء كثيرة من الجنوب الأميركي” وأشار إلى “حرائق كبيرة” بل إلى “وضع حرج للغاية” في فلوريدا.
وقال: “نطلب من الجميع أنّه عندما لا تكونون قادرين على التزام التباعد الاجتماعي، أن يضعوا كمّامات”، بعد أن دافع حتى الآن عن “الحرية” الفردية في هذه المسألة.
هذا وسجّلت الولايات المتّحدة الثلاثاء لليوم الثامن على التوالي أكثر من 60 ألف إصابة جديدة بفيروس كورونا المستجدّ خلال 24 ساعة، ليصل الإجمالي إلى أكثر من 3,89 ملايين إصابة، بحسب بيانات نشرتها جامعة جونز هوبكنز.
وأشارت منظمة الصحة للبلدان الأميركية إلى أن الولايات المتحدة الدولة الأكثر تضرراً في العالم، وحذرت المديرة كاريسا إتيان من أن “الوباء لا يظهر أي مؤشر على التباطؤ في المنطقة”.
وفي السياق ذاته أظهرت دراسة نشرتها المراكز الأميركية للوقاية من الأمراض والسيطرة عليها (سي دي سي) أنّ عدد المصابين بفيروس كورونا المستجدّ في الولايات المتّحدة خلال الربيع كان في الواقع أكبر بما بين ضعفين إلى 13 ضعفاً من العدد المسجّل رسمياً للإصابات، في أرقام تؤكّد أنّ عدوى الفيروس تنتقل بواسطة أشخاص قد لا يعلمون أنّهم مصابون.
وقالت هذه الهيئة الصحيّة الحكومية إنّها أجرت بين آذار وحزيران فحوصات مخبرية على عيّنات في بنوك الدم في 10 مناطق في الولايات المتحدة بحثاً عن أجسام مضادّة لمرض كوفيد-19، وذلك لمعرفة ما إذا كان أصحاب هذه الدماء قد أصيبوا بالفيروس حتّى وإن لم تظهر عليهم أعراض المرض.
وأوضحت الهيئة أنّ نتيجة هذه الاختبارات أظهرت أنّ ما بين 1 و5.8٪ من سكان هذه المناطق كانوا مصابين بالفيروس في تلك الفترة، باستثناء نيويورك حيث بلغ معدل الإصابة بالفيروس في السادس من أيار 23.2٪ من السكّان، أي رُبع سكّان المدينة.
وبالمقارنة مع العدد الرسمي للإصابات في تلك التواريخ، فإنّ العدد الفعلي للمصابين تراوح بين الضعف في ولاية يوتاه، و10 أضعاف في جنوب ولاية فلوريدا في نهاية نيسان و13 ضعفاً في ولاية ميسوري الريفية.
وفي مدينة نيويورك التي كانت أكبر بؤرة للوباء في الولايات المتحدة في الربيع، بلغت الحصيلة الفعلية للمصابين عشرة أضعاف الحصيلة الرسمية.
وهذه الدراسات المصلية تجري في العديد من البلدان وهي تسمح للباحثين وللسلطات الصحية فيها بمعرفة مدى تفشّي الفيروس في صفوف السكّان بمعزل عن الفحوصات المخبرية التي تتم على مسحات من الأنف أو الحلق لكشف ما إذا كان الشخص مصاباً بالفيروس أم لا لحظة إجراء الفحص.
وفي الربيع كانت الولايات المتحدة تعاني من نقص في أعداد الفحوصات المخبرية للكشف عن الإصابات بالفيروس، وقد أدّى هذا الأمر إلى خفض الحصيلة الفعلية للإصابات والوفيات الناجمة عن كوفيد-19، علماً بأنّ عدداً من الخبراء يعتبرون أنّ عدد الفحوصات التي تجرى حالياً لا يزال دون المطلوب.
والاستنتاج الأبرز من هذه الدراسة هو أنّ مئات آلاف الأميركيين أصيبوا بكوفيد-19 من دون أن يعرفوا ذلك وساعدوا في نقل العدوى إلى سواهم، كما أنّ نسبة الأميركيين الذين أصيبوا بالفيروس كانت حتى نهاية الربيع لا تزال عند مستوى 5% أي دون المستوى اللازم لتكوين حصانة جماعية.
ومن المرجّح أن تسجّل الموجة التالية من فحوصات مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها زيادة كبيرة في أعداد المصابين في فلوريدا وأجزاء أخرى من البلاد حيث يتفشّى المرض منذ حزيران.
وفي سياق متصل جددت رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي التأكيد على أن ترامب تسبب بخلق أزمة في البلاد مع انتشار جائحة فيروس كورونا المستجد، مشيرة إلى أن آلاف الأميركيين لقوا حتفهم بسبب رد فعله الخاطئ تجاه الوباء.
ووفق وكالة رويترز فإن بيلوسي قالت في مقابلة مع قناة “سي إن إن” الأميركية: إننا نقترب من أربعة ملايين مصاب بهذا الفيروس وعدد كبير من الوفيات يقارب /140/ ألف حالة، وإذا كان ارتداء الكمامة مهماً الآن كما يفعل ترامب فكان من الأفضل ارتداؤها في شهر آذار بدلاً من القول إننا سنتمكن جميعاً مع حلول نيسان من الذهاب إلى الكنائس.. دعونا نأمل أن الرئيس اقترب من فهم حقيقة هذا الوباء.. إنه فيروس ترامب”.