ثورة أون لاين – عبد الحليم سعود:
يبدو لا مناص من تدخل الجيش المصري على خط الأزمة الليبية لإنقاذ هذا البلد العربي الممزق من التدخلات الخارجية وفي مقدمتها التدخل التركي السافر وغير الشرعي والذي يستبطن أطماعاً تاريخية تعود إلى الحقبة العثمانية البائدة، أحياها الطاغية رجب أردوغان، بعد أن تلكأ المجتمع الدولي في الحد من أطماعه وتدخلاته في شؤون الدول الأخرى، مدفوعاً بتواطؤ أميركي صهيوني غربي لتمزيق الوطن العربي، وهذا ما استشعرت خطره مصر حيث وافق البرلمان المصري على إرسال القوات المسلحة المصرية إلى خارج الحدود لتنفيذ مهام قتالية، في إشارة واضحة إلى ليبيا، حيث تحتشد مرتزقة أردوغان ومليشيات حكومة الوفاق الإخوانية التي تدعمها تركيا على حدود مدينة سرت الاستراتيجية تمهيداً لاقتحامها.
تدرك مصر جيداً أن التدخل التركي في شؤون ليبيا يهدد أمنها القومي والإقليمي مباشرة ولا سيما أن الوجود التركي بأطماعه التاريخية في هذا البلد العربي لا يستثني مصر بل يتجاوزها إلى السودان وصولاً إلى المغرب العربي، حيث يتكئ النظام التركي على حاضنته الإخوانية المتنامية في أكثر من بلد عربي، وهي حاضنة عميلة ترى في رأس النظام التركي زعيماً وخليفة ينجز لها أحلامها بعد الإخفاقات التي منيت بها في السنوات الماضية ولا سيما في مصر وسورية وبلدان عربية أخرى.
بيان البرلمان المصري أكد أن الجيش المصري مفوض بالدفاع عن الأمن القومي ضد أعمال الميليشيات والعناصر الإرهابية الأجنبية، وأن لديه رخصة دستورية وقانونية لتحديد زمان ومكان الرد على الأخطار والتهديدات، كما أكد أن مصر قادرة على الدفاع عن نفسها وعن مصالحها وعن أشقائها وجيرانها من أي خطر أو تهديد، في إشارة واضحة لما يجري من تهديدات تركية لليبيا، حيث طالبت القبائل الليبية بمعظمها بضرورة تدخل مصر لمنع النظام التركي من تمرير أجنداته الاستعمارية على مستوى المنطقة.
قرار البرلمان المصري الذي يعكس رغبة شعبية مصرية جاء بعد عدة محاولات قامت بها مصر لإنجاز حل سياسي يجنب ليبيا المزيد من المعارك، ولكن كثرة التدخلات الغربية والتركية بالشأن الليبي ودعم مجاميع إرهابية تقودها حكومة السراج الإخوانية بذريعة أنها تحظى باعتراف أممي، فاقم من رداءة الأوضاع الأمنية وحال دون قيام الجيش الوطني الليبي بتحرير العاصمة طرابلس وإعادة الأمور إلى نصابها.
في هذه الأثناء وبرهاناً على مضي أردوغان في مشروعه الاستعماري في ليبيا بالاعتماد على المرتزقة والإرهابيين، أكد تقرير لوزارة الحرب الأميركية أن النظام التركي نقل المزيد من مرتزقته ومقاتليه إلى ليبيا، مشيراً إلى أن ما بين 3500 و3800 مقاتل مرتزق مدفوعي الأجر تم حشدهم على جبهة سرت والجفرة بعد استقدامهم من أماكن عدة وخاصة الإرهابيين التابعين لنظام أردوغان والذين قاتلوا في سورية، مع نوايا لاستقدام مرتزقة آخرين من الصومال لزجهم في الحرب الليبية.
ويضيف التقرير الأميركي أن زيارة وزير الحرب التركي خلوصي أكار الأخيرة إلى قطر كانت بخصوص الأوضاع في ليبيا، حيث تضطلع مشيخة قطر بمهمة تمويل معظم المليشيات الإرهابية المقاتلة تحت راية النظام التركي، ولعل صدور تقرير البنتاغون في هذا الوقت بالذات يمثل إحراجاً لأنقرة بنظر بعض المراقبين ولكنه في الوقت ذاته يشكل حافزاً كافياً للجيش المصري للتدخل في الصراع الليبي وحسمه قبل أن يهيمن الخطر الإخواني المدعوم من كل من تركيا وقطر على ليبيا ويصبح على حدود مصر التي فيها حاضنة إخوانية متربصة لا يمكن الاستهانة بخطرها إذا ما استطاع النظام التركي التواصل معها عبر ليبيا.
يشار إلى أن خطوة البرلمان المصري جاءت استجابة لطلب من مجلس النواب الليبي وممثلي القبائل الليبية بتدخل الجيش المصري للأراضي الليبية لحماية سيادة الدولة من المليشيات المسلحة المدعومة من تركيا، كما أن الاقتراب التركي من الخط الواصل بين سرت والجفرة يشكل حافزاً آخر للتدخل المصري حيث يعتبر هذا الاقتراب “خطاً أحمر”
ويبقى السؤال هل تأخرت الخطوة الإنقاذية لليبيا من قبل شقيقتها مصر، أم أنها جاءت في الوقت المناسب، وهل ستسمح الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة لمصر بإتمام هذه المهمة، أم أن المطلوب هو إشعال مواجهة إقليمية كبيرة على الأرض الليبية بين مصر والنظام التركي تنشغل بها شعوب المنطقة وتكون فرصة لبعض الجهات لتمرير أجنداتها وخاصة الكيان الصهيوني الذي يسابق الوقت لإنجاز “صفقة القرن”؟.