ثورة أون لاين – سامر البوظة:
على مسافة نحو أربعة أشهر من الانتخابات الرئاسية الأميركية تكثر البازارات الانتخابية بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري، على حساب مصلحة الأميركيين، حيث يتاجر الحزبان بقضية العنصرية المستشرية داخل المجتمع الأميركي، والتي تحصد المزيد من أرواح السكان الملونين على أيدي ضباط الشرطة، وآخرها جريمة مينابوليس العنصرية، التي لم تزل تداعياتها والاحتجاجات المنددة بها تتواصل حتى اليوم.
وفي استثمار واضح للجرائم العنصرية أقر أعضاء مجلس النواب الأميركي الذي يسيطر عيه “الديمقراطيون” مشروع قانون ينص على إزالة تماثيل شخصيات خدمت الكونفدرالية خلال الحرب الأهلية في القرن التاسع عشر من مبنى الكابيتول.
وبينما صوّت 305 نواب مقابل 113 لصالح الإجراء، إلا أنه لايزال بانتظار إقراره من قبل مجلس الشيوخ الذي يشكّل الجمهوريون غالبية أعضائه، كما سيتعيّن على الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي عارض بشدة إزالة تماثيل شخصيات تاريخية، التوقيع على المشروع ليصبح قانونا.
وينص مشروع القانون على إزالة تماثيل أشخاص خدموا الكونفدرالية طوعا من “كابيتول هيل”، مقر الكونغرس.
ويحتدم النقاش في الولايات المتحدة بشأن إرث العنصرية والعبودية في البلاد منذ مقتل الأميركي من أصول إفريقية جورج فلويد على أيدي شرطي أبيض في مينيابوليس بتاريخ 25 أيار.
جو بايدن المرشح الديمقراطي لانتخابات الرئاسة الأمريكية اعتبر في هذا السياق أن ترامب أول عنصري يصبح رئيسا للولايات المتحدة التي تميزت إداراتها المتعاقبة بسجل قاتم من التمييز والعنصرية، وفق ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية عنه.
بايدن الذي لا يقل عنصرية، شأنه كأي مسؤول أميركي آخر هاجم ترامب بشدة بسبب عنصريته المفرطة لمحاولة إبعاد الشبهات عنه، فقال: إنه لأمر مقزز للغاية أن يتعامل ترامب مع الناس على أساس لون بشرتهم وأصلهم القومي ومن أين جاؤوا”، وأضاف:”لم يفعل أي رئيس يشغل المنصب هذا قط ولم يفعل هذا أي رئيس جمهوري ولم يفعله رئيس ديمقراطي .. لدينا عنصريون وهم موجودون وسعوا لأن يكون لديهم رئيس منتخب وهو أول من قام بذلك”.
يشار إلى أن الكثير من المتابعين والمحللين السياسيين يرون بأن بايدن لا يقل عن ترامب لجهة انتهاجه سياسات عنصرية، وإنما يحاول جذب الناخبين المعارضين لنهج ترامب من أجل كسب أصواتهم فقط.
يذكر أن عددا من الرؤساء الأمريكيين امتلكوا عبيدا أو أيدوا سياسات منها قمع الأمريكيين الأصليين، وعزل الأمريكيين السود، وقالت جامعة برينستون الشهر الماضي إنها حذفت اسم الرئيس السابق وودرو ويلسون من الجامعة استنادا إلى تفكيره وسياساته العنصرية.
وتأكيدا على جذور العنصرية الأميركية الراسخة، اعتدت الشرطة الأمريكية على رئيس بلدية بورتلاند “الديمقراطي” تيد ويلر ومحتجين كانوا يتظاهرون احتجاجا على وحشية الشرطة ونشر قوات فيدرالية في مدن أمريكية بموجب قرار ترامب.
صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية ذكرت بهذا الصدد أن الشرطة الفيدرالية أطلقت الغاز المسيل للدموع على حشود المتظاهرين الذين انضم إليهم ويلر أمام المحكمة الفيدرالية في وسط المدينة ما أدى إلى حالات اختناق بينهم.
وكان آلاف المتظاهرين احتجوا أمس في بورتلاند في أحدث الاحتجاجات التي أثارها مقتل فلويد في أيار الماضي.
في الأثناء أعلن ترامب نشر مزيد من القوات الفدرالية في شيكاغو ومدن كبيرة أخرى تعاني من الجريمة وتصاعد أعمال العنف، فيما الحقيقة أن نشر هذه القوات هو لمواجهة الاحتجاجات المنددة بالعنصرية، وفق مراقبين.
لكن المسؤولين أوضحوا أن الحكومة ليست بصدد إرسال قوات عسكرية للتصدي للتظاهرات، كما فعلت في بورتلاند بولاية أوريغون في خطوة أثارت جدلا واسعا.
وكان رؤساء بلديات 15 مدينة قد رفضوا في وقت سابق خلال رسالة قوية اللهجة وجهت إلى وزير الأمن الداخلي بالإنابة تشاد وولف قبول عناصر فدراليين في مدنهم للتعاطي مع احتجاجات قانونية.
وقالوا إن “نشر تلك القوات الشبيهة بالقوات العسكرية في مدننا لا يتوافق أبدا مع نظامنا الديموقراطي وقيمنا الأساسية”.
وأضافوا “من المثير للقلق أن يتم نشر عناصر فدراليين من أجهزة تطبيق القانون، لأغراض سياسية”.