مصر وإثيوبيا.. حرب المياه إلى أين؟!

ثورة أون لاين – ترجمة ختام أحمد:   

يبدو أن إثيوبيا تمضي قدماً في خططها لملء سد كهرومائي بالغ الأهمية على نهر النيل بعد انهيار المفاوضات المطولة مع مصر في وقت سابق من هذا الأسبوع. هناك مخاوف جدية من أن الدولتين قد تخوضان حربا، حيث يعتبر كلا البلدين اللذين يعانيان من الإجهاد المائي أن نصيبهم من أطول أنهار العالم أمرًا وجوديًا. القاهرة تحث أديس أبابا على التوضيح بعد أن أظهرت صور أقمار صناعية أوروبية مياها تملأ سد النهضة الإثيوبي الكبير (GERD).
إثيوبيا ذكرت أن ارتفاع منسوب المياه هو نتيجة طبيعية لموسم الأمطار الغزيرة الحالي، لكن أديس أبابا صنفت هذا الشهر كموعد نهائي للبدء في ملء السد البالغ 4.6 مليارات دولار.
وتحدت مصر مراراً وتكراراً المشروع قائلة إنه سيحرمها من إمدادات المياه العذبة الحيوية حيث تعتمد مصر على النيل بنسبة 90 في المائة من إجمالي إمداداتها لـ 100 مليون نسمة.
وحذر وزير الخارجية سامح شكري الشهر الماضي مجلس الأمن الدولي من أن مصر تواجه تهديدا وجوديا بشأن السد، وأشار إلى أن بلاده مستعدة لخوض حرب لتأمين مصالحها الحيوية.
وتصر إثيوبيا أيضا على أن السد – وهو الأكبر في إفريقيا عند اكتماله في العام المقبل – “ضرورة وجودية”. وتعيش أعداد كبيرة من سكانها البالغ عددهم 110 ملايين نسمة على الإمدادات اليومية من المياه كما ستولد المنشأة الكهرومائية 6000 ميجاوات من الطاقة التي يمكن استخدامها لتعزيز الشبكة الوطنية للكهرباء غير المنتظمة الحالية.
ومن الجدير بالذكر أن القضية تمس الأمن القومي للطرفين. ويتهم المصريون إثيوبيا بإتباع نهج متعصب في تأكيد حقها المعلن في بناء السد دون النظر في التأثير على مصر.
يمكن للنزاع حول السد أن يعزز مكانة مصر في العالم، وبالمقابل فإن رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد يعاني من صراعات سياسية داخلية واحتجاجات عنيفة ضد ما يقرب من عامين في منصبه، فقد أثار تأجيله للانتخابات البرلمانية بسبب الفيروس التاجي انتقادات كبيرة وقالوا عنه انه شخص مستبد، كما إن عملية القتل الأخيرة لمطرب وناشط شعبي أدت إلى احتجاجات جماعية وأكثر من 100 عملية قتل على أيدي قوات الأمن الإثيوبية التابعة لـ آبي.
المضي قدماً في السد، يساعد رئيس الوزراء أبي أن ينحرف عن الاضطرابات الداخلية ويوحد الإثيوبيين حول قضية ما، علماً انه في السابق عندما أصبح رئيسا للوزراء أظهر ازدراء للمشروع، قائلاً إن الأمر سيستغرق 10 سنوات حتى يكتمل، هناك مؤشرات على أن آبي قد يكون متورطا في تحرك جيوسياسي لعرقلة استكمال السد، لذلك يشير دعمه المفاجئ الواضح للمشروع إلى خطوة ساخرة لدعم موقفه الوطني الخاص، ثم هناك العامل الجيوسياسي لإدارة ترامب.
ففي وقت سابق من هذا العام، نظر الرئيس دونالد ترامب في نزاع النيل بطريقة اعتبرت أنها تعزز مطالبات مصر إلى حد كبير ما أثار غضب إثيوبيا، و حذرت واشنطن أديس أبابا من المضي قدما في السد حتى يتم التوصل إلى اتفاق ملزم قانونا مع مصر.
وبالتالي، إذا شعرت مصر أنها تحظى بدعم دولي، فقد تميل إلى خوض حرب على النيل، وبالنظر إلى قوة البلدين نلاحظ، مصر لديها جيش أقوى بكثير من إثيوبيا، انه يتلقى 1.4 مليار دولار سنويا من واشنطن مساعدات عسكرية، وقد ينظر السيسي إلى إثيوبيا على أنها “خيار حرب” أكثر ليونة من ليبيا حيث يتم جر قواته أيضا إلى حرب بالوكالة مع تركيا.
وهددت مصر في السابق بتخريب سد إثيوبيا. كيف ستفعل ذلك؟ وهناك مشاكل لوجستية، حيث يفصل مصر عن إثيوبيا من جهة الجنوب أراضي السودان الشاسعة.
لكن القاهرة لديها قوة جوية من طائرات إف 16 بينما تمتلك إثيوبيا الحد
الأدنى من الدفاعات الجوية، وتعتمد بدلاً من ذلك على جيش مشاة هائل.
وهناك إشارة أخرى وهي زيادة الزيارات إلى القاهرة التي قام بها الرئيس الإريتيري أسياس أفورقي، وعقد اجتماعين مع السيسي في القصر الرئاسي بالعاصمة المصرية منذ عدة أشهر كان آخرها في 6 تموز عندما ناقشا مرة أخرى “الأمن الإقليمي” وسد إثيوبيا.
وتوفر إريتريا ممرا على البحر الأحمر إلى إثيوبيا غير الساحلية، ما سيكون أكثر فائدة للقاهرة من الرحلات الطويلة عبر السودان.
من الناحية الاسمية، وقعت إريتريا وإثيوبيا على اتفاق سلام في تموز 2018 لإنهاء ما يقرب من عقدين من الحرب الباردة، والتي منحت إثيوبيا لها جائزة نوبل للسلام. ومع ذلك قد يميل الرئيس الإريتري للعودة إلى القتال إذا عزز خزائنه من تدفق الأموال العربية مقابل مساعدة مصر.
و سيكون هناك الكثير من الدعوات الدبلوماسية والتسويات التفاوضية من واشنطن والاتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية من أجل فض النزاع، لكن هناك تيار أساسي للحرب قد يثبت أنه لا يمكن إيقافه مدفوعا بدولتين مكتظتين بالسكان العطشى.
بقلم: فينيان كننغهام
Strategic Culture

آخر الأخبار
ولي العهد السعودي في واشنطن.. وترامب يخاطب الرئيس الشرع  أنامل سيدات حلب ترسم قصص النجاح   "تجارة ريف دمشق" تسعى لتعزيز تنافسية قطاع الأدوات الكهربائية آليات تسجيل وشروط قبول محدّثة في امتحانات الشهادة الثانوية العامة  سوريا توقّع مذكرة تفاهم مع "اللجنة الدولية" في لاهاي  إجراء غير مسبوق.. "القرض الحسن" مشروع حكومي لدعم وتمويل زراعة القمح ملتقى سوري أردني لتكنولوجيا المعلومات في دمشق الوزير المصطفى يبحث مع السفير السعودي تطوير التعاون الإعلامي اجتماع سوري أردني لبناني مرتقب في عمّان لبحث الربط الكهربائي القطع الجائر للأشجار.. نزيف بيئي يهدد التوازن الطبيعي سوريا على طريق النمو.. مؤشرات واضحة للتعافي الاقتصادي العلاقات السورية – الصينية.. من حرير القوافل إلى دبلوماسية الإعمار بين الرواية الرسمية والسرديات المضللة.. قراءة في زيارة الوزير الشيباني إلى الصين حملات مستمرة لإزالة البسطات في شوارع حلب وفد روسي تركي سوري في الجنوب.. خطوة نحو استقرار حدودي وسحب الذرائع من تل أبيب مدرسة أبي بكر الرازي بحلب تعود لتصنع المستقبل بلا ترخيص .. ضبط 3 صيدليات مخالفة بالقنيطرة المعارض.. جسر لجذب الاستثمارات الأجنبية ومنصة لترويج المنتج الوطني المضادات الحيوية ومخاطر الاستخدام العشوائي لها انطلاقة جديدة لمرفأ طرطوس.. موانئ دبي العالمية تبدأ التشغيل