الثورة أون لاين – فؤاد مسعد:
كلما زاد التباين في تنوع الشخصيات التي يؤديها الفنان كلما ظهرت مقدرة استثنائية على تجسيد حالات وعيش تحدي تجريب شخصيات ينبغي أن تصل إلى المتلقي بالإطار الأكثر مصداقية لتحقق حالة من الإقناع، هذا ما يسعى إليه الفنان محمد حداقي عبر ما يقدم من شخصيات يحقق من خلالها حالة عيش طيف واسع من العوالم المختلفة شكلاً ومضموناً، وهو اليوم يعيش تحدياً من نوع آخر من خلال بطولته لفيلم قصير يخاطب عبره الأطفال بكل ما يحمل ذلك من خطورة، فتقديم عمل موجه لهذه الشريحة العمرية لا يحتمل الخطأ أو التساهل وإلا كان نصيبه الفشل قبل أن يولد ويرى النور.
ضمن هذا الإطار يؤكد الفنان محمد حداقي أن السبب الرئيسي الذي دفعه للمشاركة في الفيلم أنه للأطفال، حيث يجسد فيه شخصية تحمل تبدلات وتغيرات لها ميزتها وعمقها وصدقها الملاصق للواقع الحياتي المعاش. يؤدي الدور بما يتمتع به من كاريزما خاصة تضفي على أي دور يمثلّه روحاً مختلفة تحاكي معالم الشخصية وتفاصيلها، يغوص إلى عمقها باحثاً عن تلك الزاوية التي يمكنه من خلالها نسج خيوطها والإمساك بمفاتيحها، هي حالة من التعشيق تحدث بينه وبينها بكل ما فيها من مكنونات لتخرج إلى النور من لحم ودم وبكامل مصداقيتها.
يقدم في الفيلم القصير (جواد) الموجه للأطفال شخصية تعيش في لحظة حالة من التلون والتبدل، إنه الأب الذي يحمل فوق كاهليه انكسارات الدنيا مستكيناً لهمه ولتربية أولاده والوصول بهم إلى بر الأمان، ساعياً بجد إلى تأمين قوت أسرته، ومن خلال أداء مفعم بالدفء نتابع حكاية تجري من منظور طفل يتفاعل مع محيطه العائلي وخاصة مع والده الذي يمثل كل معاني الطيبة والحنان، ولكنه إنسان مسالم يتجنب دائماً الخوض في المشكلات ويتحاشاها، حتى أنه قد يتجاوز أي إساءة يتعرض لها ملتمساً العذر لمن أخطأ بحقه، لكن ذلك كله يؤدي لأن يعيش الابن أزمة بسبب هذا السلوك، بسبب ضعف خبرته الحياتية ومنسوب الحكمة البسيط لديه، تتصاعد الأحداث وتتغير لتأخذ مسارات أخرى تصل إلى أماكن غير متوقعة، إنها علاقة جدلية بين الأب وابنه من جهة والمجتمع من جهة أخرى وكيفية تفاعلهما مع تحديات الحياة.
الفيلم سيناريو وإخراج أيهم عرسان وإنتاج المؤسسة العامة للسينما، وسبق أن فاز نصه بالمرتبة الأولى في مسابقة السيناريو التي أجرتها المؤسسة العامة للسينما عن فئة (السيناريو الموجه للطفل)، ويشدد الفنان محمد حداقي عبر كلامه على أهمية فكرة تقديم أعمال فنية للأطفال تساهم في بناء شخصيتهم ليكونوا فاعلين في المجتمع وقادرين على العطاء.