الملحق الثقافي: عقبة زيدان:
منذ أن بدأ كوفيد 19 بالانتشار، أجبر الناس جميعاً على الانكفاء داخل منازلهم، ودخلنا في مرحلة خطيرة، ليس الاقتصاد المتدهور سوى جزء صغير منها.
الخطورة تكمن في أننا لم نعد ننتج فكراً، ولا علماً، ولا فناً. لقد دخلنا مرحلة من السبات العقلي، بل يمكننا القول إننا تراجعنا عن كثير من الأفكار التي كنا نعتبرها عظيمة وناجزة.
توقفت عقولنا عند حدود مراقبة الجسد المهدد بالموت. وهكذا فقد بتنا أشخاصاً بدائيين، نخاف من المفترسات الجديدة، مستبدلين الأشجار العالية بصناديق إسمنتية صلدة لا روح فيها. تباعدنا داخل هذه الصناديق، وصرنا نخاف من بعضنا البعض، واستحالت فكرة الموت أقوى من الصداقة والأسرة.
تفتت تاريخ العالم خلال الأيام الأولى لانتشار كوفيد 19. انهارت نظريات العدالة والإنسانية بلمح البصر، وكأنها كانت مجرد يوتوبيا لم ترسخ على أرض الواقع يوماً.
لم يتمكن كونفوشيوس من حماية بلاده، وترك بوذا شعبه نهباً للخلايا القاتلة، وتفتتت شعارات الثورة الفرنسية على أبواب المستشفيات، وانسحقت عظمة روما تحت التوابيت المتراكمة في الطرقات. فيما كانت دول أوروبا المتورمة بالأفكار الاتحادية تنسحب الواحدة تلو الأخرى من هذا التجمع لتنجو بنفسها.
توقف العقل الأمريكي عن إنتاج أفكار جديدة، وسخّر قدرته لرشق الصين بكمّ هائل من اللعنات، لأن الصدمة قد أفقدته رشده.
ها هي البشرية أمام رعب قاتل، وليس أمامها سوى الاتحاد وإنتاج أفكار لا تنقذها من الموت الحالي وحسب، وإنما من أشكال الموت القادمة، التي ربما تكون أشد رعباً.
Okbazeidan@yahoo.com
التاريخ: الثلاثاء28-7-2020
رقم العدد :1007