حالة من التوجس والترقب باتت تسود العاملين والمهتمين بأي قطاع يقع تحت دائرة اهتمام ودعم وعناية الجهات المعنية لأن الواقع على الأرض غالباً ما يترافق مع تراجع وتردي في الإنتاج وخسائر للفلاح والمربين وبالمحصلة قلة بالعرض وارتفاعات كبيرة بالأسعار لمنتجات زراعية بعز موسمها، وحيوانية ما أن تنتعش قليلاً حتى تأتي قرارات السماح بالتصدير غير المدروسة والمتخبطة لتحرم المواطن منها وتعطي إذناً للمنتجين برفع الأسعار.
لا نحتاج للكثير من العناء والبحث والدراسة حتى نحصل على نتائج وغلة عشرات الاجتماعات واللقاءات بين الحكومة والمعنيين بالقطاع الزراعي بشقيه النباتي والحيواني وعشرات المليارات التي خصصت للنهوض بالقطاع ودعم العاملين فيه من فلاحين ومربين فأصوات مزارعي الحمضيات المطالبة بحرقة لتسويق المحصول، لا تجد صدى ايجابياً لدى صاحب القرار ليزداد موسماً بعد أخر عدد المزارعين المنسحبين من هذه الزراعة والنكتة المبكية هنا أننا كمستهلكين نعجز عن شراء كيلو برتقال في عز موسمه وبلدنا ينتج سنوياً أكثر من مليون طن برتقال، وفي مجال الإنتاج الحيواني لا أعتقد أن هناك ما يعبر عن فشل كل الدعم والرعاية أكثر من صور القهر والخيبة التي رسمت على وجوه عشرات المربين في مختلف المناطق عند نفوق أبقارهم ما يعني انقطاع مصدر رزقهم وحالات الإغلاق لعدد كبير من المداجن والتدني الواضح بالإنتاج الذي ظهر جلياً في ارتفاع سعر الفروج والبيض لمستويات لم تسجل سابقاً رغم علم أصحاب القرار أن المادتين من أساسيات المائدة السورية التي قلت مكوناتها بشكل بات يهدد صحة الناس.
إذاً واقع الحال يؤكد أن الزراعة في بلد الزراعة ليست بخير وتواجه صعوبات وتحديات كبيرة باتت تشكل خطراً حقيقياً على القطاع وكل العاملين فيه ومسؤولية ذلك مشتركة بين الحكومة من جهة التي لم تسأل عن مصير ملياراتها المتجهة لدعم القطاع وتحاسب من تقاعس عن تنفيذ توجهاتها على الأرض، وبدائرة المساءلة الأولى هنا وزارة الزراعة ومن جهة ثانية اتحاد الفلاحين شبه الغائب عن ساحة العمل التي يفترض أن يكون القوة الأكبر فيها لمصلحة الفلاح ومايندرج تحته من وحدات ارشادية ينشغل القائمون عليها، بمصالح فردية ويترافق كل ذلك مع الغياب شبه التام للعمل التكاملي بين مختلف الوزارات وعدم الأخذ بالحلول الكثيرة المتاحة بحسن نية أو سوء نية، ما نعرفه أن استقرار ونماء إنتاج هذا القطاع كان لسنوات الداعم الأكبر لاستقلال قرارنا السياسي والاقتصادي وعدم النظر له من المسؤولين ضمن هذه الرؤية مشكلة كبيرة قد ندفع ثمنها غالياً.
الكنز-هناء ديب