الثورة أون لاين – عبد الحليم سعود:
لا تنفك الولايات المتحدة الأميركية تعبّر عن نفسها بأحط وأشنع الصور والأساليب والسياسات الممكنة، في تناقض تام مع كل ما تدعيه وتروجه عن نفسها كعالم حر، يريد الخير والديمقراطية والرفاهية لبقية شعوب العالم، أو يسعى لحماية حقوق الإنسان ومحاربة العنف والإرهاب والتطرف.
ففي كل يوم تثبت هذه الدولة المارقة المنافقة أنها نقيض ما تدعيه وتروجه من قيم ومبادئ وأخلاق، ولو اقتصر البحث والحديث فقط على ما ارتكبته أميركا خلال السنوات العشر الماضية من الحرب الإرهابية الإجرامية التي تعرضت لها سورية لكان ذلك كافياً لكشف كل النوايا الخبيثة التي تخبئها إدارة الشر في البيت الأبيض.
ففي جديد هذه السياسة المنافية والمناقضة للشرعية الدولية والقوانين الدولية والإنسانية توقيعها اتفاقاً مع مليشيات إرهابية ومرتزقة في الجزيرة السورية وهي “ميلشيا قسد الانفصالية” لسرقة النفط السوري وبيعه لحسابها وحساب مرتزقتها الساعين للانفصال عن الدولة السورية، في تجسيد صريح لدورها المشبوه كلص تذرع في البداية بقضية “محاربة الإرهاب” ثم راح ينفذ ما كان يضمره ويخبئه من أجندات ومخططات، لتؤكد واشنطن بأنها طامعة بخيرات السوريين ولا يعنيها أي من الشعارات المزيفة التي تروجها مثل ملاحقة فلول تنظيم داعش ومنع التنظيم من السيطرة على حقول النفط والغاز.
ولعل السوريين اليوم إلى جانب أشقائهم العراقيين هم أكثر من خبر كذب الدعاية الأميركية على مدى عقدين من الزمن، فالجميع يتذكر أكذوبة أسلحة الدمار الشامل العراقية التي كانت عنواناً لغزو همجي مبيت دمّر العراق ومؤسساته وقتل وشرد شعبه، حيث ما زالت آثار ذلك الغزو واضحة تحدث عن نفسها بأصعب ظروف معيشية وسياسية واقتصادية وأمنية يمر بها العراقيون، ليتبين فيما بعد أن نفط العراق هو الدافع الرئيسي والأول للأميركيين وحلفائهم، لأن كل شيء في العراق تضرر بسبب الغزو الأميركي، بينما بقيت آبار النفط ومؤسساته وإمداداته وعقوده بخير.
واليوم يكرر الأميركيون نفس السيناريو الخبيث في الشمال والجزيرة السوريين عن طريق تحالفهم مع مليشيات إرهابية ومرتزقة في محاولة ل”شرعنة” احتلالهم لهذه المنطقة الحيوية والغنية من الأرض السورية، من أجل البقاء فيها إلى أطول فترة ممكنة لسرقة ونهب خيراتها، بعيداً عن رغبة أهلنا في الجزيرة السورية ممن يعبرون كل يوم عن رفضهم للاحتلال الأميركي ويطالبون برحيله مع مرتزقته وعملائه الطارئين على هذه المنطقة، ولو كان مرتزقة قسد يملكون بعداً وطنياً أو سياسياً لما وضعوا أنفسهم في خدمة محتل غريب يطمع ببلدهم وشعبهم، وهم على دراية كاملة بما فعله وما يفعله الأميركيون في سورية من قتل وتدمير ودعم إرهاب ونهب وحصار اقتصادي ضد الشعب السوري.
ما من شك بأن الاحتلال الأميركي البغيض سيزول وينتهي من سورية عاجلاً أم آجلاً تحت ضغط المقاومة والرفض الشعبي له الذي نراه في تصاعد مستمر كل يوم، وحينها سيجد مرتزقة قسد الحمقى أنفسهم في مواجهة أبناء الفرات والجزيرة، ليلقون جزاءهم الذي يستحقون، ويحصدون كل ما زرعوه من أعمال دنيئة ضد الأرض التي عاشوا فيها والبيئة التي احتضنتهم، وعندها لن يفيدهم الأميركي في شيء، إذ لم يسبق أن ضحى محتل من أجل مرتزقته وعملائه، بل العكس هو الذي يجري، فالمحتل أول ما يضحي بعملائه ومرتزقته لإنقاذ نفسه من المآزق التي يقع فيها.
والأمثلة أكثر من أن نستطيع إحصاءها، ولعل تجربة عملاء لحد في جنوب لبنان خير مثال، وقد آن الأوان لهؤلاء العملاء أن يفهموا أن الانفصال الذي يحلمون به سيتحول إلى لعنة على رؤوسهم، فحتى النظام التركي العميل لأميركا والذي يقوم بتنفيذ بعض أجنداتها في الشمال السوري، يتخذ من أحلامهم الانفصالية الدنيئة ذريعة له للتدخل في الشأن السوري، كما فعلت واشنطن في موضوع داعش، حيث جاءت بعناصر داعش الإرهابيين من كل أصقاع الدنيا إلى سورية ثم اتخذتهم ذريعة للتدخل والاحتلال وممارسة اللصوصية والسرقة والنهب والعدوان والتدمير بحق الشعب السوري والدولة السورية.