ليس وباء كورونا وحده الذي أظهر عجز العالم ومؤسساته الدولية والقومية والوطنية.. وأحزابه وطموحاته والنزعات التقدمية فيه، بالإضافة لذات الطابع المحافظ والرجعي… عن مواجهة مشكلات البشرية وترهاتها المتمثلة بالحروب والاقتتال عموماً والفقر والأمراض والأوبئة..
سبق ذلك فشل المحاولات ومن ثم التجربة، لإيجاد الهيئة الدولية التي ترعى السلام والتنمية وثقافة الشعوب وتحضرها.. وإلى حد كبير اعترف العالم في مواقع شتى بالحالة غير المرضية.. أو البائسة لواقع البشرية ومستقبل الحياة على الكرة الأرضية..
ربما كانت المطالبات الكثيرة والمتكررة لإصلاح هيئة الأمم المتحدة بما يضمن لها إمكانية التصدي للمهمات الملقاة على عاتقها بنسبة معقولة، هي التعبير الأكيد عن شعور البشرية بالواقع المتردي وانهيار الأخلاق والنزوع إلى التعاون الدولي..
إلى حد كبير ما زالت المطالبات بإصلاح هيئة الأمم المتحدة قائمة.. لكنها ليست خجولة وحسب.. بل غير جدية وعاجزة.. والعالم أحوج وأجدر بمنظمة دولية جديدة إن كانت لا تتجاهل مؤسسات هيئة الأمم المتحدة.. فهي يجب أن لا تولد من ضلعها كما ولدت الأمم المتحدة من ضلع عصبة الأمم المتحدة.. التي ولدت بدورها من ضلع عصبة الأمم ذات المنشأ شبه الأوربي التي جاءت بعد نهاية الحروب النابليونية.. وعندما أظهر اندلاع الحرب العالمية الأولى، وما عرفته البشرية من مآسٍ وويلات خلالها، عجز وفشل عصبة الأمم.. تدخلت الولايات المتحدة بمشروع لها أنشأت بموجبه عصبة الأمم المتحدة التي استمرت نحو ربع قرن ولم تدخل في عضويتها، الدولة المؤسسة لها باقتراح من رئيسها “الولايات المتحدة الأميركية”.
بعد أن سقطت عصبة الأمم المتحدة موضوعياً بقيام الحرب العالمية الثانية.. وتم حلها في أواسط القرن الماضي.. قامت منظمة الأمم المتحدة.. التي تشهد أحداث العالم اليوم وتطورات دوله وعلاقاتها على شبه سقوط نهائي لها.. ولاسيما من ناحية التجاوزات عليها وعلى مؤسساتها مما يفرض عليها اليوم التبعية شبه الكاملة للولايات المتحدة الأميركية!! وحيث لا تكون هذه التبعية تنسحب الولايات المتحدة.. كما حصل مؤخراً مع منظمة الصحة العالمية..
ليس ثمة شك.. أن الولايات المتحدة الأميركية تفكر اليوم ومنذ سقوط منظومة الدول الاشتراكية ومعها الاتحاد السوفييتي بتغيير المنظمة الدولية وباتجاه الحل الكامل وإيجاد المنظمة التي تقر وتتكفل بأولوية وقيادة الولايات المتحدة.. وهذا يعني.. تمهيداً لسقوط آخر يتبع خراباً وويلات للعالم كالتي تحدث اليوم..
و السؤال :
هل يتمتع العالم الآخر.. أقصد العالم خارج الغرب الاستعماري… بكفاءة لإنشاء أممه المتحدة القادرة على مواجهة كورونا ومنع الحصارات والحروب والعقوبات والسقوط الأخلاقي الناجم عن تراكم الفساد ومخالفة القانون ؟؟
أقدر حجم الطوباوية في هذا الطرح شبه المستحيل .. !!
معا على الطريق – أسعد عبود