لم يغمض لي جفن ليل الثلاثاء الأربعاء الماضي شأني شأن الكثيرين ممن تابعوا ما حصل في مرفأ بيروت من كارثة فاقت حدود الخيال.
فرغم حالة التوتر والترقب التي يعيشها لبنان والمنطقة والعالم ، ورغم حالة الاستنفار مع العدو الصهيوني، التي كانت تحمل توقعات بحصول مواجهات ما ،تبعاً للرد الذي سيرده حزب الله إثر استشهاد أحد عناصره قبل أسابيع ، إلا أن الانفجار الكارثي الذي أصاب المرفأ أحدث صدمة لم تكن ضمن التوقعات.
وفي ظل لبنان المنقسم على نفسه بدأت منذ اللحظات الأولى للمصيبة الوطنية أيدي الغدر والتخريب والعدوان تمتد بمنتهى القذارة إلى أذهان المواطنين ومحاولة التأثير فيها وتحديد المسؤولية فوراً وتوجيه الاتهامات المباشرة لحزب الله محور المقاومة وتحميل الحكومة والعهد مسؤولية الانفجار قبل الوقوف على الأسباب.
الملفت أنه بدل التحرك الشامل لمواجهة الكارثة انزوى سياسيو الحقد والتبعية والتطبيع لبث سموم التفرقة منذ اللحظة الأولى متعامين عن الحالة الشعبية الأصيلة التي دفعت بشباب من مختلف المناطق والأعمار والأجناس للتحرك إلى مكان الكارثة والمشاركة في نقل الجرحى ورفع الأنقاض وفتح الطرقات وتقديم المساعدة في شتى المجالات بعيداً عن توصيفات سياسيين يريدون أن يبقوا على تقسيمات وتوصيفات متخيلة لا تخدم وحدة لبنان وسيادته لكنها تدخل في خدمة مشاريع التبعية والارتهان للخارج من جهة والعمالة والانصياع لأصحاب المواقف التفريقية من ذوي المعتقدات الأصولية الحاقدة والسلوك الإرهابي وهم الغارقون في السلفية العفنة والأفكار الهدامة التي تتجاوز المنطقة العربية وتوظف السنة النبوية الشريفة لخدمة مشاريع استعمارية وتستخدم أساليب التحريض الطائفي والفئوي أساساً في سلوكها وتحديد مواقفها.
وقد تكون هذه الأيام الخمسة الماضية من أكثر الفترات التي شهدت أكاذيب وافتراءات غير مسبوقة وخاصة في فترة الحرب المفتوحة على محور المقاومة عموماً وعلى حزب الله خصوصاً، ولعل الواجب والمفترض في أي أزمة أو كارثة أو تفجير هو انتظار انجلاء الأمور ومعرفة المسؤول عنها لاتخاذ موقف ما، لكن أن يبدأ الاتهام قبل هدوء الانفجار فهذا أمر لا يحدث إلا مع ساسة باعوا ضمائرهم رخيصة ووظفوا أنفسهم وأتباعهم لخدمة قوى البغي والعدوان بعدما انسلخوا أصلاً عن موطنهم وتنكروا لأبنائه الذين كان الانفجار عابراً لطوائفهم ومعتقداتهم وأعمالهم ومواقفهم ولم يفرق بينهم، بل جمعهم حول كارثة أصابتهم جميعهم.
هذه الكارثة لم تكن تعني شيئاً بالنسبة لمن باعوا ضميرهم للغرب والصهاينة ودفعوا بالأبرياء من مواطنيهم إلى لجة البركان معززين بالمال والتحشيد لتبدأ مرحلة أشد صعوبة من أي مرحلة سبقت، إذ دفعت إلى الشوارع بالآلاف من الشباب المتعطلين والمحتاجين لينفذوا خطوات شديدة الخطورة على السلم والأمن الداخلي ، فقد وصل العملاء إلى درجة الانتحار أمام قوة وثبات موقف المقاومة فتحولوا الى مرحلة الاستعداد لحرب أهلية مطلوبة أميركياً وصهيونياً، وهنا يغيب عن ذهن الحاقدين أن لدى الوطنيين ولدى حزب الله الكثير مما لم يفصح عنه ولم يتحدث عنه انتظاراً لمرحلة أبعد في المؤامرة والتبعية لأنه يعي ويعرف حقيقة المرتهنين للعمالة أباً عن جد بالوراثة ويعرف أنهم يحضرون للأسوأ ، لكنه لن يسمح لهم وهو موقن أنه يمثل الحق .
معاً على الطريق – مصطفى المقداد