هكذا تحدث كبلينج؟

إن لم نقرأ الماضي قراءة صحيحة لا يمكننا تفسير ما تشهده المنطقة من أحداث بعيداً عما تتغلف او تغلف به من اضاليل وأكاذيب، فالغرب هو الغرب، والشرق هو الشرق هكذا تحدث (كبلينج). 

والذاكرة الاوروبية ذاكرة نشطة وتنتج رؤية ومنهجا وسلوكا ولا تتعامل بلغة العواطف مع الصديق ولا مع العدو لأنها تنطلق من قاعدة أن أوروبا وحفيدها الاميركي يجب أن يستمر القوة الاولى في العالم، وهذا يستدعي ايضا ان لا يقوى خصومها التاريخيون عليها ولاسيما اولئك المتساكنون معها جغرافيا، وعلى هذه القاعدة الاستراتيجية سارت السياسات الاوربية طوال العقود الماضية حتى في زمن انحسار دور اوروبا الاستعماري بعد الحرب العالمية الثانية، حيث انتقل هذا الجين السياسي بالوراثة الى الحفيد الاميركي وريث القارة العجوز.

وللتدليل على تلك الفرضية لابد من دعمها بالشواهد الحية، ولعل الاقليم الشرق اوسطي بحديه العربي وجواره هو المجال العملي لذلك، بدليل أن الغرب بضفتيه يواجه بقوة اي دولة من دول المنطقة تعمل على تعزيز قوتها ونفوذها حتى لو كانت في دائرة حلفائه كتركيا والسعودية ومصر، وخارج تلك الدائرة مثل سورية والعراق وليبيا والجزائر وغيرها من دول، وإعمالا لتلك القاعدة واجه مصر عبد الناصر حاملة الدعوة القومية، وكذلك سورية رافعة راية الوحدة العربية ورائدة محور مقاومة مشاريعه الاستعمارية، والعراق الذي أراد بناء دولة قوية، ووضع حدوداً لأردوغان الطامح في استعادة الخلافة العثمانية بلبوس علماني اخواني، وايران الطامحة في ان تكون قوة اقليمية، وكذلك السعودية المتمددة باتجاه اليمن، فوفق الاستراتيجية الغربية يحب ان تبقى هذه الدول ضمن محيطها الداخلي وينحصر تفكيرها واستراتيجياتها في الاجابة على سؤال: كيف تحافظ على كينونتها الوطنية؟ يستثنى من ذلك الكيان الصهيوني الذي يمكن ان يستخدم عند الضرورة لكبح تلك الاحلام او بعضها ان استطاع ذلك وهو ما حصل غير مرة.

إن الذاكرة الاستعمارية الغربية لا زالت تستحضر حصار فيينا والدولة العربية الاسلامية الممتدة من الاندلس غربا وحتى حدود الصين شرقا وتعي جيدا ان نقطة انطلاقها كانت دمشق الشام حيث رفع في سمائها علم الدولة العربية المنشودة بعد الثورة ضد الاتراك العثمانيين، والغرب في هذه الحالة لا يتذكر فقط ولكن يعمل ويسعى كي لا يعيد التاريخ نفسه، وتستجمع هذه المجموعة البشرية الحضارية عناصر قوتها وتمتلك اسباب القوة التي تجعل منها رقما صعبا وكتلة وازنة في اطار رسم خرائط دولية جديدة.

إن مراجعة شاملة لمنهجية التفكير والثقافة السياسية التي تحكم العلاقة مع المحيط الاقليمي والدولي عند حكام المنطقة باتت مسألة ضرورية لوقف التدهور الحاصل في البيئتين العربية والاقليمية، وإلا فإن شعوبها واوطانها تتجه نحو المزيد من التفكك والتشظي والصراع ما يعني أن كيانيتها الوطنية الى مزيد من التدهور والضعف والشرذمة، فالقاعدة اليوم لم تعد “فرّق تسدْ” وإنما “قسم تسيطر وتسد”، ولعل المشهد العربي اليوم هو الدليل الحي على ذلك، فالصراعات البينية والخلافات المفتعلة بين دوله هي العلامة الفارقة له، الأمر الذي يدعو الى وضع العديد من علامات الاستفهام والتعجب والاستغراب حيث الجميع يتحدث عن الاخطار التي تتهدد الكيانية القطرية والقومية مغ غياب شبه كامل لاستراتيجية مواجهة قادرة على التصدي لمجمل تلك الاخطارالتي اصبحت تنصب خيامها في كل مكان.

إضاءات – د. خلف المفتاح

 

 

آخر الأخبار
جولة ثانية من المفاوضات الأمريكية- الإيرانية في روما أردوغان: إسرائيل لا تريد السلام والاستقرار في المنطقة جنبلاط: هناك احتضان عربي للقيادة السورية واقع مائي صعب خلال الصيف المقبل.. والتوعية مفتاح الحل برسم وزارة التربية النهوض بالقطاع الزراعي بالتعاون مع "أكساد".. الخبيرة الشماط لـ"الثورة": استنباط أصناف هامة من القمح ... بقيمة 2.9مليون دولار.. اUNDP توقع اتفاقية مع 4 بنوك للتمويل الأصغر في سوريا حمص.. حملة شفاء مستمرة في تقديم خدماتها الطبية د. خلوف: نعاني نقصاً في الاختصاصات والأجهزة الطبية ا... إزالة مخالفات مياه في جبلة وصيانة محطات الضخ  الألغام تهدد عمال الإعمار والمدنيين في سوريا شهادة مروعة توثق إجرام النظام الأسدي  " حفار القبور " :  وحشية يفوق استيعابها طاقة البشر  تفقد واقع واحتياجات محطات المياه بريف دير الزور الشرقي درعا.. إنارة طرقات بالطاقة الشمسية اللاذقية.. تأهيل شبكات كهرباء وتركيب محولات تفعيل خدمة التنظير في مستشفى طرطوس الوطني طرطوس.. صيانة وإزالة إشغالات مخالفة ومتابعة الخدمات بيان خاص لحفظ الأمن في بصرى الشام سفير فلسطين لدى سوريا: عباس يزور دمشق غدا ويلتقي الشرع تأهيل المستشفى الجامعي في حماة درعا.. مكافحة حشرة "السونة"