منيت الحركة الفنية السورية والعربية، في أقل من أسبوع، برحيل ثلاثة فنانين تشكيليين بارزين وهم: أسعد زكاري وعاصم زكريا وعبد الحي مسلم .. وبالمختصر المفيد أقول: الفنان لا يموت- وإن مات- لأن الفن هو اكسير الحياة . ومزامنة الرحيل، تتزامن أيضاً مع مرور مئة عام على معركة ميسلون، فالفنان عاصم زكريا سجل بلوحة كبيرة، مشاهد بانورامية من أحداث ملحمة ميسلون، ولقد حققت هذه اللوحة انتشاراً، وخاصة بعد أن طبعت بقياسات كبيرة، وعرضت نسخها في بعض الأماكن العامة، ولم تكن اللوحة مجرد عمل توثيقي لأحداث المعركة، وإنما حملت بصمة الفنان الخاصة، على الصعيدين التشكيلي والتقني، وكان الفنان عاصم زكريا (من مواليد دمشق 1937) قد أقام معرضاً استعادياً، لبعض لوحاته في الآرت هاوس، عام 2018، تحت عنوان “دمشق الذاكرة” ولقد نشرت عنه دراسة تحليلية في الثورة الثقافي , وهو ينتمي الى أسرة دمشقية، من حي ساروجة، مرتع طفولته وفتوته، تميزت بحسها الوطني والتشكيلي والموسيقي والثقافي، والحس الوطني، جعله يتخصص برسم الملاحم والمعارك التاريخية السورية ، إضافة إلى لوحات دمشق القديمة ، ولوحات البورتريه وغيرها .
ويشكل رحيل الفنان أسعد زكاري من مواليد دمشق1930مناسبة للحديث عن أعماله التعبيرية، التي أنجزها خلال دراسته في الاسكندرية في مطلع الخمسينات، وبالرغم من نشاطه التشكيلي البارز في مراحل سابقة، إلا أنه عاش في المرحلة الأخيرة من حياته، بعيداً عن الأضواء، وكان يبدو كأنه معتكف عن عرض لوحاته .
أما الفنان الراحل عبد الحي مسلم فهو من مواليد فلسطين عام 1933 وسكان دمشق، وأعماله منجزة بتقنية المواد المختلطة ( نشارة خشب ومواد لاصقة وألوان براقة ) وهذه التقنية التي تميز بها ، أبعدته عن طريقة الرسم على سطوح مستوية أو ببعدين ، في خطوات العمل بالأبعاد الثلاثة، والوصول الى أعمال قريبة من النحت الجداري ( الرولييف) المرتبط بحكايات وبقصص وجذور التراث الفلسطيني . إلا أن أكثر مايميز تشكيلاته النافرة، هي ألوانها الزاهية والصريحة، وهو من القلائل الذين قدموا أعمال رولييف فطرية ملونة بهذه الطريقة.
رؤية -أديب مخزوم