الثورة أون لاين- فاتن حسن عادله:
تدمير خدمة البريد الأميركية من أجل مصلحته الانتخابية، أو القفز فوق الانتخابات بعد فشله في تأجيلها، هو المسعى الحالي الذي يقوم به الرئيس الأميركي دونالد ترامب من أجل الفوز بالاستحقاق الرئاسي القادم في 3 تشرين الثاني المقبل، تدمير يجد فيه الأميركيون ساحة تسخين وتصعيد ضد منافسه “الديمقراطي” جو بايدن.
مع حملة التصعيد التي يقودها ترامب وتسخين الأجواء الانتخابية هذه، يتهم معارضو الرئيس الحالي بأن مسعاه هذا لتدمير خدمة البريد الأميركية العامة هو لجعل عملية التصويت بالمراسلة أمرا مستحيلا، إذ قد يساهم هذا التصويت بترجيح كفة بايدن، حيث تتركز حملة الانتخابات الرئاسية منذ أيام على محاولة إخراج “الخدمة البريدية للولايات المتحدة” (يو إس بي إس) من إطار العملية الانتخابية، عبر ما سمي إصلاحات لتلك الخدمة يقوم بها مدير الهيئة الجديد لويس ديجوي المقرب من ترامب ومن كبار المتبرعين لحملته، وهو ما أثار ضجة إعلامية واسعة.
وتواجه حملة إصلاحات ديجوي انتقادات حادة ويشتبه بأنها تهدف في الواقع إلى منع التصويت بالمراسلة لانتخابات 3 تشرين الثاني، حيث ترى المعارضة في هذه الإصلاحات ترجمة لتعليمات ترامب الذي يتحدث منذ أشهر عن تزوير معلن إذا استخدم التصويت بالمراسلة هذه السنة بشكل أوسع من الماضي بسبب وباء كوفيد-19.
ووسط هذا كان هناك الكثير من التساؤلات حول تأخر البريد الذي يشكو منه الأميركيون، بعد أن قالت كامالا هاريس المرشحة لمنصب نائب الرئيس مع بايدن الجمعة الماضية: “لا يمكننا أن نسمح لترامب بتدمير” خدمة البريد الأميركية، فيما يبدو أنه جاء رداً على سحب أجهزة اعتبرت قديمة من مراكز فرز الأصوات، كما شهدت بعض المدن سحب صناديق بريد في إطار إجراءات لتوفير الأموال!
أما صحيفة “واشنطن بوست” فبينت أن خدمة البريد أبلغت خصوصاً الولايات بأنها لن تتمكن من توصيل ملايين بطاقات الاقتراع في الوقت المناسب، لاحتسابها قبل 3 تشرين الثاني القادم.
ومع تحركات ترامب الخبيثة هذه ورغبته بالاستمرار في منصبه حتى ولو كلفه ذلك حملات من الألاعيب، فإن الديمقراطيين يريدون تمويل هذه الخدمة العامة التي يبلغ عمرها مئتي عام التي تجوب شاحناتها الصغيرة البيضاء والزرقاء شوارع الولايات المتحدة.
حيث علقت الرئيسة الديمقراطية لمجلس النواب نانسي بيلوسي في رسالة إلى زملائها أمس السبت بالقول: إن الأمر يتعلق “بتمويل انتخابات سليمة وعادلة في بلدنا، وتعليق بيلوسي هذا يأتي بعد أن أوضح ترامب الخميس في مقابلة مع قناة “فوكس نيوز” أنه لا يريد تمويل خدمة البريد “حتى لا تكون مجهزة لتصويت معمم بالمراسلة” لا يرغب فيه.
ورأى بايدن أن القضية “تعكس صورة ترامب بأنه لا يريد انتخابات”، وليعلق الرئيس السابق باراك أوباما بالقول: “لم نر من قبل رئيسا يقول سأقوم بتركيع خدمة البريد وسأقول لماذا بوضوح”؟، وليرى مراقبون أن معارضة ترامب التصويت بالمراسلة هو ليعد الناس لإمكانية الاعتراض على النتائج في حال هزم في الاقتراع”.
مارك ديموندستين رئيس نقابة عمال البريد “الاتحاد الأميركي لعمال البريد” رأى هو الآخر أن ترامب “يريد على الأقل إثارة تساؤلات كافية ليفقد الناس ثقتهم”، ولتؤكد ناطقة باسم خدمة البريد بالقول: “نحن لا نتباطأ في توزيع البريد الانتخابي ولا أي بريد آخر”، مشيرة إلى مشكلات مالية في المؤسسة.
ويدرك ترامب أن التصويت بالمراسلة يمكن أن يشجع على اقتراع الأميركيين الأفارقة والمتحدرين من أميركا اللاتينية الذين يبدون أكثر ميلا إلى الامتناع عن المشاركة، بسبب أوضاعهم الهشة في معظم الأحيان، وإدراكه أيضاً أن الناخبين الديمقراطيين يميلون إلى التصويت بالمراسلة أكثر من مؤيديه.