ثورة أون لاين -ترجمة: ميساء وسوف:
منذ أن اجتاحت جائحة كوفيد-19 العالم الغربي الغني في آذار الماضي، كانت الصين في مواجهة انتقادات وهجمات مستمرة، لاسيما من قبل واشنطن. وبعد سن قانون الأمن القومي في هونغ كونغ، لم تفعل معظم البلدان الغربية الناطقة باللغة الإنجليزية بقيادة الولايات المتحدة سوى تصعيد التوترات وتكثيف الانتقادات لجمهورية الصين الشعبية.
ولكن وعلى الرغم من كل ذلك فقد ارتقت الصين فوق كل هذه الهجمات والتوترات وأصبحت البلد صاحب الاقتصاد الرئيسي الوحيد الذي سجل نمواً إيجابياً في عام 2020.
فخلال حربها ضد كوفيد-19 ومن منطلق الاستجابة الفورية لانتشار الوباء، وضعت الحكومة الصينية شعبها في المقام الأول من خلال إغلاق البلد بأكمله وبتكلفة اقتصادية هائلة، فقد كان هدفها الأول والأهم هو “إنقاذ الأرواح بأي ثمن”.
وفي ظل الهجمات العدوانية الأمريكية المستمرة، يبقى النظام الصيني صلباً وقوياً، وقد أشار تصنيف البنك الدولي بشأن سهولة ممارسة الأعمال التجارية إلى أن متوسط الوقت المستغرق لإنشاء شركة في الصين في هذه الفترة هو تسعة أيام فقط مقابل 23 يوماً في عام 2017.
وبالنظر إلى حجم السوق الصيني البالغ 1.4 مليار شخص مع وجود طبقة وسطى آخذة في التوسع تبلغ 400 مليون، فإن الصين تعمل أيضاً على تنمية البلاد في سوق استهلاكية ضخمة، وهذا بدوره سيعزز جذب الصين للأعمال التجارية الدولية والاستثمارات الضخمة. باختصار فإن اقتصاد الصين كبير وقوي بما يكفي لامتصاص صدمات أكثر بكثير مما قد يتخيله العالم.
أما في الداخل الصيني، فهناك مجموعة من المواضيع والسياسات تقوم على النقد البناء، فحرية الرأي والتعبير موجودة وهذا ما يسمح للحكومة الصينية بإنتاج سياسات طويلة الأمد عادة ما تكون مدروسة جيداً وتتم مناقشتها بدقة بناءً على شروط محددة.
لكن الانتقادات الدولية التي تواجهها الصين حالياً تنتمي إلى نوع مختلف وغالباً ما تكون في غير محلها أو متحيزة، فعلى سبيل المثال، تعتبر مراكز التعليم والتدريب المهني في إقليم شينجيانغ طريقة صينية نموذجية لمحاربة الإرهاب، مثل تعليم الطب الصيني التقليدي(TCM) . ويتم عادة تسجيل أولئك الذين ينضمون إلى مراكز التدريب هذه في دورات مكافحة التطرف، كما أنهم يتعلمون أيضاً اللغة المشتركة للبلد من أجل الحصول على وظيفة بسهولة. ويتم تعليمهم قراءة القوانين ودراستها عن كثب من أجل اتباعها بشكل أفضل. أما الهدف النهائي فهو تزويدهم بمهارات جديدة لبدء حياة جديدة وبشكل دائم. لكن للأسف، غالباً ما يتم تشويه الصورة الحقيقية لما يجري في الإقليم من قبل الغرب.
كما تعمد واشنطن في بعض الأحيان على اختلاق المخاوف وتعمل على تضخيمها من أجل مصالحها الجيوسياسية. وقد كانت حملة التشهير الأخيرة ضد شركة هواوي هي مثال على ذلك، إذ لا يوجد دليل على أن الشركة تعرض الأمن القومي لأي دولة للخطر. كما لم يكن لدى أي دولة مشكلة مع هواوي حتى قامت واشنطن بتهديدها وضغطت على بعض الدول للتخلي عن أفضل الخدمات التي تقدمها الشركة.
إضافة إلى ذلك فإن انتقاد واشنطن لقانون الأمن القومي لهونغ كونغ لم يكن عادلاً، ويبدو أن العديد من النقاد ينسون أن يأخذوا بعين الاعتبار أن الصين استأنفت ممارسة السيادة على هونغ كونغ منذ عام 1997، وليس هناك أي سبب يؤكد أن الصين لاتريد الخير للمنطقة.
مع تزايد انتشار وباء كورونا في معظم المدن الأمريكية وبينما تكافح الولايات المتحدة أكثر دون الحصول على تقدم يذكر في التعامل مع هذا الوباء، فإن الشعب الصيني يتوقع المزيد من الانتقادات من واشنطن وخاصة من خلال سعيها الدائم على جعل الصين ” كبش فداء” واتهامها أنها السبب في انتشار كوفيد-19، لكن يبدو من المرجح أن تظل الصين قوية وصامدة.
فقد جاء في إحدى المقالات في مجلة الايكونوميست “The Economist” مؤخراً : “منذ عام 1995، ارتفعت حصة الصين من الناتج المحلي الإجمالي عالمياً بأسعار السوق من 2٪ إلى 16٪ ، على رغم الكثير من موجات التشكيك الغربية التي تستهدفها بشكل دائم.”
لقد شهدت الصين صعوداً وهبوطاً على مدار آلاف السنين الماضية، فقد شهد التاريخ الصيني مجيء وذهاب العديد من الإمبراطوريات، ولكن ورغم كل هذا فقد تمكنت الصين من الحفاظ على بقائها وتطورها على المستوى العالمي. إذاً هناك الكثير من الأسباب القوية والمقنعة للاعتقاد بأن المملكة الوسطى”الصين” ستستمر في أسلوبها الخاص بها والذي يميزها ويجعلها تكون من القوى العظمى لفترة طويلة قادمة.
المصدر Global Times