الثورة أون لاين -عبد الحليم سعود :
فيما يعيش العالم قلقاً رهيباً بسبب فايروس كورونا – كوفيد 19- الذي أزهق مئات آلاف الضحايا حول العالم وتجاوز عدد المصابين به حائط العشرين مليونا، مع تحذيرات من أن تخرج الأمور عن السيطرة في العديد من دول العالم، تتسابق الدول ومصانع الأدوية لإنتاج لقاحات مضادة له يجنب البشرية المزيد من الضحايا، حيث كان لافتا خبر توصل روسيا إلى لقاح واعد ربما ينقذ البشرية من هذا الخطر المحدق (سبوتنيك في)، إلا أن اللافت أكثر هو تعرض اللقاح الروسي لحملة إعلامية قاسية من جهات عديدة – واشنطن وحلفاؤها على وجه الخصوص – للتشكيك بمقدراته على مواجهة الفايروس والحد من انتشاره، رغم أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين زاد من اطمئنان العالم إلى جدواه وأمانه بأن تم اختباره على ابنة الرئيس والكثير من المواطنين الروس، ما يشير إلى دوافع سياسية خلف هذه الحملة المغرضة وليس إلى رغبة المنتقدين بالتوصل إلى لقاح أفضل.
ففي جديد الحملات ضد اللقاح الروسي شن مدير المعهد الأميركي للأمراض المعدية، أنطوني فاوتشي هجوماً حاداً ضد اللقاح، واعتبر الخبير الأميركي خلال مناقشة استضافتها جامعة جورج واشنطن عبر الفيديو أمس الأربعاء، أن تأكيدات روسيا بشأن توصلها إلى لقاح آمن وفعال لـكوفيد -19 “زائفة” على حد تعبيره.
ثم تابع فاوتشي موضحا “هناك فرق كبير بين التوصل إلى لقاح وبين الإثبات عبر التجارب أن إعطاءه على نطاق واسع لمئات الملايين من الأشخاص آمن وفعال”.
وفي إطار الترويج لمزاعمه حول دور “إيجابي” تلعبه بلاده في هذه القضية، أكد الطبيب الأميركي أن الولايات المتحدة لن تجعل أي لقاح مستقبلي ضد كورونا إلزامياً، دون أن يستبعد أن يكون هناك إلزام بتحصين الأطفال في بعض المناطق.
من الواضح أن الولايات المتحدة غير معنية بالتوصل إلى لقاح ينقذ البشرية من مخاطر الفايروس التاجي القاتل بقدر اهتمامها بالضغط على خصومها وإفشال مساعيهم في هذه المسألة، حيث تتغلب لغة المصالح السياسية والاقتصادية على لغة القيم النبيلة في الخطاب الأميركي، ولعل الجميع يتذكر الحملة القاسية التي شنها الرئيس الأميركي دونالد ترامب على الصين متهما إياها بالمسؤولية عن تفشي الفايروس بدل مد يد المساعدة إليها، في حين كانت الصين سباقة إلى مد يد المساعدة إلى الدول الأوروبية التي أظهرت عجزها عن مواجهة الفايروس، وهذا ما يؤكد أن واشنطن تريد أن تجعل من فايروس كوفيد 19 ذريعة للضغط على خصومها بدل أن تتعاون معهم لما فيه خير البشرية، والجميع يعلم أن الكثير من الأوبئة والأمراض ساهمت الولايات المتحدة بنشرها في العالم ــ كما هو حال الحروب والأزمات ــ من أجل استثمار ذلك في إنتاج وبيع الأدوية واللقاحات والهيمنة الكاملة على أسواق الأدوية واللقاحات في العالم لما تدره من أرباح على الاقتصاد الأميركي تماما كما تفعل تجارة الأسلحة بالنسبة للاقتصاد الأميركي.
لا أحد يشكك في قدرة المختبرات الأميركية على انتاج لقاحات تواجه الفايروسات المنتشرة والأمراض المعدية، ولكن ثمة الكثير من إشارات الاستفهام حول تلكؤ واشنطن عن فعل ذلك، لكن المؤكد أنها تريد الاستثمار في معاناة البشرية إلى أبعد حد، ولعلنا نتذكر المنافسة التي جرت بينها وبين ألمانيا في شهر آذار الماضي حول حقوق انتاج لقاح خاص بكوفيد 19، وكيف تسبب ذلك بغضب المسؤولين الألمان نتيجة سعي واشنطن للاستحواذ على عقار ضد الفايروس، حيث حاول ترامب ضمان اللقاح حصريا لبلاده، وهو ما اضطر المستشارة الألمانية انجيلا ميركل للرد عليه برسالة باللغة الإنكليزية قالت فيها “ألمانيا ليست للبيع”.
وكانت صحيفة (فيلت ام زونتاج ) قد أفادت في حينه نقلا عن مصادر حكومية في برلين بأن واشنطن عرضت على شركة (كيور فاك) الخاصة، الواقعة في مدينة توبينغن، مليار دولار للحصول على الحقوق الحصرية لعقار يتم تطويره حالياً.
وجاء في تقرير للصحيفة استنادا إلى دوائر حكومية ألمانية أن ترامب يحاول جذب علماء ألمان إلى بلاده بهبات مالية كبيرة، أو ضمان اللقاح حصريا لبلاده