في جريمة التعطيش التي نفذها المحتلون الأتراك على مدى الأيام الماضية بحق أهلنا في الحسكة وريفها، عبر أدواتهم من مجموعات “قسد” الانفصالية وبقية مرتزقة أميركا، والمرتهنون لها ولأجنداتها، تبرز عدة أسئلة واستفسارات تطرح نفسها بقوة على ما يسمى “المجتمع الدولي” ومنظماته السياسية والحقوقية، كمجلس الأمن الدولي ومنظمة حقوق الإنسان، وغيرهما من المنظمات الإنسانية والسياسية.
وفي مقدمة هذه الأسئلة والاستفسارات لماذا يتحرك مجلس الأمن الدولي، أو منظمة حقوق الإنسان، أو سواهما، للدعوة إلى الاجتماعات العاجلة، والتصويت على مشاريع قرارات تعاقب هذه الدولة أو تلك على جرائم أقل من جريمة تعطيش مليون إنسان ومحاولة تهجيرهم من قراهم ومدنهم، ولماذا تستنفرأعضاءها وأدواتها وخبراءها لبلورة قرارات ملزمة ونارية تجاه من يرفض تنفيذها؟!.
مع كل أسف الإجابة عن مثل هذه الاستفسارات البريئة والبسيطة لم تعد بحاجة إلى كثير عناء لفك شيفرتها وحلّ رموزها ومعرفة أسرارها، فهذه المنظمات مازالت أداة طيعة بيد أميركا ودوائر منظومة العدوان الغربي على الشعوب، تأتمر بأوامرها وتنفذ أجنداتها، وتصدر القرارات التي تريدها، وتحجب القرارات التي لا تروق لها، وهناك مئات الأمثلة التي نرى فيها هذه القوى وهي تفرض تحرك هذه المنظمات للاجتماع والتهديد والوعيد في قضايا قد لا تهدد الأمن والسلم الدوليين، بل ربما قضايا كاذبة وملفقة ومعلوماتها مزورة.
والمفارقة الأكبر أنه لولا وجود بعض القوى العظمى كالصين وروسيا، ووضع ثقلهما الدولي، ورفعهما البطاقات الحمراء بوجه القوى الاستعمارية المذكورة، واستخدامهما حق النقض “الفيتو” بوجهها في مجلس الأمن، لكانت اللوحة أكثر سوداوية مما نراه الآن، بل ربما نرى تلك المنظمات وهي تصدر القرارات التي تشجع على الاحتلال وتمارس التعطيش والإرهاب.
ولعل المفارقة الصارخة اليوم أن الغرب، ومعه كل منظمات حقوق الإنسان لديه يعرفون جيداً من هو المجرم، ومن هو الذي يمارس التعطيش ضد مليون إنسان، ومن الذي يقتل أبناءهم ويحرق محاصيلهم ويدمر ممتلكاتهم، لكنه لا يحرك ساكناً تجاه هذه الجرائم الموصوفة، بل إنه بصمته المريب يشجع على ارتكاب المزيد من تلك الجرائم بحق السوريين ليس بقطع المياه عنهم فقط بل باستباحة أرضهم، وقتل المدنيين منهم وتهجيرهم، والاستيلاء على منازلهم، وسرقة وحرق محاصيلهم الزراعية وتجويعهم، تمهيداً للتغيير الديموغرافي الذي يحقق أجنداتهم الاستعمارية، فهل وصلت الرسالة وأدركنا حقيقة الإجابة عن تلك الاستفسارات البسيطة؟!.
البقعة الساخنة – بقلم مدير التحرير أحمد حمادة