الثورة أون لاين – ميسون حداد:
في إحدى الكورسات التدريبية طلب منا المدرب استخدام تقنية (الستوب وتش) وهي أنّ كلاً منا يحمل ساعة رقمية ويقوم بحساب الوقت الفعّال حقيقة في العمل. وكانت التجربة مذهلة ومفاجئة لنا فمن أصل أربع ساعات دوام لم يتجاوز مدة العمل الفعّال لدي سوى حوالي ٢٠ دقيقة.
يقول أحد المحامين والموظف في شركة كبيرة، وكان هذا التكنيك دافعاً كبيراً لي لأغير طريقتي في العمل وأنتج بالوقت الفعّال.
يتكلم الخبراء الاقتصاديون عن أهمية التخطيط الفعّال للوقت، الذي يساوي نصف العمل ، و يعتبرون أنّ إدارة الوقت بكفاءة واحترافية يعني ببساطة الرفع من الإنتاجية.
-الوقت يساوي المال:
الوظيفة الحكومية، يفضلها البعض لأنها تعطي “الأمان الوظيفي” و هي نوع من “الاستقرار المادي”، وفيها ساعات العمل أقل، والإجازات مريحة، الكثيرون يعتبرون أنّ هذا العمل نوع من “البطالة المقنعة”، حيث يُهدر الكثير من الوقت (عبر الدوام الرسمي) مقابل إنتاجية لاتساوي الوقت المهدور. وذلك ليس بسبب إهمال الموظفين بل لوجود الفراغ الطويل، حجم العمل لا يتناسب مع وقت الدوام، تجدهم يصطدمون بالروتين العقيم ، ويبدعون في إيجاد وسائل التلاعب لقضاء الوقت، من جلسات تبادل الأحاديث، إلى التنقل بين الأقسام للتواصل مع الزملاء، وتبقى الحصة الكبيرة لوسائل التواصل الاجتماعي، وهنا يُطرح سؤال آخر، لمَ كلّ هذا الوقت يذهب هباءً منثورا؟
هل نستطيع أن ننتقل في العمل الحكومي من ذهنية (الدوام) إلى ذهنية (الإنتاجية)؟
من عدة سنوات قامت شركة IBM الشهيرة بطرح برامج توازن بين حياة الموظف وبين وظيفته، وكان أحد هذه البرامج هو العمل بالإنجاز أو مؤشرات الأداء وليس بالحضور إلى مكاتب المؤسسة، فلا يهم المؤسسة إن كان الموظف على مكتبه في الوقت المحدد أم لا، وكل ما يهمها هو أن ينجز عمله في الوقت المحدد، حتى أصبح أكثر من 40% من موظفي IBM يعملون اليوم خارج مكاتب الشركة، سواءً من منازلهم أو من مقاهي الإنترنت أو أي مكان آخر.
جائحة كورونا اليوم ألزمت الكثيرين بالتزام بيوتهم بسبب الحجر الصحي، ونشهد اليوم تخفيف ساعات الدوام بسبب الإجراءات الوقائية، ألا نستطيع إدارة العمل بطريقة أخرى تخفف من تكاليف المؤسسات وترفع من الإنتاجية؟
العمل أون لاين من المنزل على سبيل المثال والذي اعتمدته بعض الجهات ولو بشكل جزئي، يخفف على المؤسسة أجور نقل العاملين، وهدر الوقت في الطرقات، وتقليص مصروف المؤسسة من كهرباء وتدفئة و تبريد…الخ
بالمقابل الموظف ضمن وقتاً أقل يعطي إنتاجية أكبر ، ويتركز جهده في العمل.
ليست هذه دعوة لإلغاء الدوام الرسمي، بل لاستثمار الوقت والجهد بطريقة أفضل
الباب مفتوح على الاحتمالات، ولإعادة دراسة الجدوى والموازنة بين وقت الدوام و مصاريف المؤسسة والإنتاج الحقيقي وراتب الموظف.
يبقى الأساس أن تتغير نقطة التركيز من ضبط ساعات العمل إلى الفعّالية والإنجاز