المتابعون للواقع الزراعي بشقيه النباتي والحيواني باتوا مدركين أن أهم الصعوبات التي تواجه هذا القطاع تتمثل في ارتفاع أسعار المستلزمات المستخدمة في العملية الزراعية خاصةً المستوردة من الخارج، فهي محكومة بسعر صرف الدولار، الأمر الذي يفسر غلاء أسعار المنتجات الزراعية وأيضاً اللحوم ومنتجات الألبان والأجبان والبيض..
الحقيقة أن ثمة تقصير من الجهات المعنية برمتها أصبحنا ندفع ثمنه اليوم ولا نستطيع أن نحمل وزارة الزراعة بمفردها المسؤولية الكاملة، إلا أن هذا لا يعني أنها لا تتحمل المسؤولية الأكبر، فهي الجزء الأهم من الفريق الحكومي المعني بهذه المسألة، ولكن يا ترى ألم تضع الجهات المعنية في حساباتها أننا سنصل إلى ما نحن عليه اليوم..؟
سمعنا الكثير من الخطط والمفردات حول برامج تمويل المستوردات والتحول نحو الاكتفاء الذاتي وتأمين المواد الأولية الضرورية للزراعة والصناعة، وإذا بحثنا اسباب الارتفاع الذي نشهده اليوم بالنسبة للحوم والمشتقات الحيوانية فإن السبب الرئيس يتمثل في ارتفاع أسعار الأعلاف واللقاحات البيطرية، فهي كما ذكرت مرتبطة بسعر الصرف في ظل غياب المنتج المحلي الذي يعتبر أحد البدائل المتاحة، وهنا يتبادر إلى الذهن سؤالان مهمان: الأول حول ماهية إدراج هذه المستلزمات في برنامج تمويل المستوردات، والثاني يتمثل في عدم تأمين البديل محلياً سابقاً…
لعل الكثير لا يعرف أن سورية كانت تعتمد في الأساس على تأمين كميات الأعلاف المطلوبة محلياً أو على الأقل الجزء الأكبر، حتى إن الخطط الزراعية كانت تضع في حسبانها زراعة مساحات كبيرة من الذرة الصفراء وفول الصويا وهما العنصران الأساسيان المستخدمان في الأعلاف مع تواجد البنية التحتية لمعالجتها من مجففات ومعامل أعلاف، إلى أن تبين أن تكلفة استيرادها من الخارج أقل من تأمينها محلياً.. ذلك قبل الحرب على سورية.. لنتحول بشكل كامل إلى تأمينها استيراداً والتوقف عن إنتاجها محلياً..
اليوم تغير الوضع وأصبحت تكلفة الاستيراد أعلى، وبالتالي بدأت وزارة الزراعة في اتخاذ إجراءات تأمينها محلياً، ولكن بعد تأخير غير مبرر، فلماذا لم نشهد هذا التوجه منذ بدء إعلان الولايات المتحدة الأميركية نيتها تطبيق إرهاب قيصر أي منذ أكثر من عام…؟
وماذا عن دور الجهات المعنية بالتخطيط وإيجاد البدائل لتجنب ما نمرّ فيه حالياً من ارتفاع في الأسعار..؟
الحقيقة أن مقولة “الوصول متأخراً خير من عدم الوصول” ثمنها كبير اليوم وهي ربما لا تصلح لأن تكون بداية جديدة أو عزاء أو تبريراً لتقصير البعض من المعنيين الذين من المفترض أنهم يعملون لدعم صمود الدولة والمواطن في آن معاً..
على الملأ – باسل معلا