كعادتها في تعطيل الحلول السياسية في سورية، ووضع العقبات في طريقها، والعصي في عجلاتها، وتفخيخ أي بوادر تؤسس لها، وسعيها الدائم لنشر الفوضى الهدّامة، وتعميم مخططات القتل والتهجير والتجويع والحصار والتعطيش، فإن الولايات المتحدة الأميركية راحت تمارس السياسات ذاتها في الأيام القليلة الماضية، التي شهدت اجتماعات الجولة الثالثة للجنة مناقشة الدستور في جنيف.
فقد حاولت إدارة واشنطن العدوانية بقيادة دونالد ترامب فرض إملاءاتها وأجنداتها على اجتماعات اللجنة وحرفها عن جوهر عملها، وتوهم ساكنو البيت الأبيض بإشراف مباشر من مايك بومبيو وزير الخارجية، وما يسمى مبعوث واشنطن الخاص إلى سورية جيمس جيفري، بأنهم قادرون على رسم ملامح الدستور السوري كما تشتهي رياح سفنهم الاستعمارية.
فلم تكتف واشنطن بإرسال مساعد وزیر خارجيتها جويل رايبورن ليجتمع مع وفود المعارضة المرتهنة لمشيئة محور الإرهاب، ويحثها على القفز على الثوابت الوطنية، بل واصلت مخططاتها لنسف جولة الحوار فأرسلت أيضاً المدعو جيمس جيفري ليقوم بالدور ذاته، محرضاً أدواته على رفض أي مقترح لوفدنا الوطني، ومصراً على القفز فوراً إلى مناقشة بنود ليست على جدول الأعمال لتخريب جولة الحوار.
ولاستكمال الدور الأميركي العدواني قام جيفري بعقد اجتماعات موازية مع عدد من المسؤولين في حلف العدوان والإرهاب ليناقش معهم ما سماه العملية السياسية في سورية، وكأن هذه العملية هي شأن أميركي داخلي، بل إنه طار إلى أنقرة كي يوعز أيضاً لأداته النظام التركي للاستمرار في احتلال الأراضي السورية وعرقلة أي حلّ سياسي ممكن.
لكن ما تناساه ترامب وتجاهله بومبيو وجيفري وأدواتهم أن ما لم يحصلوا عليه بالإرهاب والعدوان العسكري المباشر لن يحصلوا عليه بممارسة الضغوط وتفخيخ الحلول وحرف الاجتماعات عن مساراتها التي حددتها القرارات الدولية، ولن يكون الدستور السوري إلا ثوباً سورياً خالصاً يقوم بتفصيله السوريون وحدهم ولا أحد سواهم.
البقعة الساخنة – بقلم مدير التحرير أحمد حمادة