لن يكون المكدوس حاضراً في مؤونة أغلب الأسر السورية، فتكاليفه الباهظة تمنع الكثير من ربات المنازل حتى التفكير بتحضيره، فهن إن استطعن شراء الباذنجان والفليفلة، لن يستطعن شراء الجوز وزيت الزيتون، أسوء نوع جوز سعر الكيلو الواحد منه اثنتا عشرة ألف ليرة، أما سعر تنكة زيت الزيتون فقد وصل المئة ألف ليرة، وزيت الذرة ليس بأفضل حال حيث يبلغ سعر الليتر منه ٢٨٠٠ ليرة.
ستخسر الأسرة وجبة صحية مفيدة اعتادت أن تنتظرها مع كل بداية خريف بمزيد من اللهفة والحب، يجتمع الأب والأم لاختيار النوع الأفضل من الباذنجان وغالباً ما يكون الحمصي، والفليفلة الحمراء، ويتوزع الجميع مهام تحضيره من غسيل وسلق وتمليح، وطحن الفليفلة وتقطيع الجوز.
ومن ثم يتسابق الأبناء لدعوة أصدقائهم ليتذوقوا مهارة أمهاتهم في الإعداد، وبعد ظهور مواقع التواصل الاجتماعي، بدأ الناس بنشر صور صحون المكدوس مع تعليقات تعبر عن ولعهم بهذه الوجبة.
مع موجات الغلاء المتتالية قبل سنتين، تتراجع أنواع الأغذية عن موائدنا نحن السوريين، فقبل المكدوس كان الزيت والزعتر بسبب غلاء زيت الزيتون، وبعدها أغلب مشتقات الألبان بعد أن وصل كيلو اللبنة الى ٢٥٠٠ ليرة سورية، وبعدها البيض بعد أن وصل قبل يومين سعر الصحن إلى خمسة آلاف ليرة.
بعد أيام تفتح المدارس أبوابها، يتجه آلاف الطلاب لتلقي التعليم، فهل يمضي الآباء لياليهم بالتفكير بما سيطعمون صغارهم في الصباح؟ أم سيرسم الصغار أحلامهم على شكل مكدوسة، أو سندويشة زيت وزعتر أو بيضة؟
الآباء اليوم يعملون على إعادة الصحون إلى موائد أطفالهم، لا ليتخمون وإنما لتحقيق الحد الأدنى من حقهم في خيرات بلادهم، فكل مكونات الصحون إنتاج بلادنا الخيرة.
عين المجتمع- لينا ديوب