الثورة اون لاين – يمن سليمان عباس:
هو الشعر الذي يصفو ويرق ويعذب ليكون شراب الروح كلما تعتق زادت جمرته اتقادا ليس من خارج من دوح الشعر أو ظلاله بل منه فيء وثمر ووعد ..
الشاعر محمد كامل صالح من دوح الشعر ذاك وكيف لا وهو الذي نشأ في أسرة فروعها ابوة وخؤولة من فرسان الشعر ..
فتاة غسان وما يعنيه بدوي الجبل وما هو ..والاب كامل صالح ..
شاعرنا كان محور الندوة التي عقدت في مكتبة الأسد للبحث في إبداعه وكان ضيوفها:
الدكتور محمد عبد الله قاسم وحسين عبد الكريم والدكتور انس بديوي ..
أدار الندوة الدكتور اسماعيل مروة ..
وقد صدرت أعمال الندوة في كتاب عن الهيئة العامة السورية للكتاب أعده للنشر الدكتور اسماعيل مروة ونزيه الخوري وقد ضم ما ألقي من محاضرات كما أشرنا في الندوة
كانت محاضرة محمد عبد الله قاسم بعنوان :المؤثرات التراثية في شعره .
وحسين عبد الكريم قدم نصا
بعنوان نقمة الينابيع المتجاورة ..
اما انس بدوي فقد كتب ..شعر الوجود والحب …ليختم ابن الشاعر بعنوان ..حياة متجددة في تربة الوطن
ومن ثم مختارات من شعره قدمتها خلود احمد رسول
محطات في حياته …
يقول ابنه كمال …
انه واحد من هؤلاء الشعراء الكبار في حياتنا الثقافية ومن الذين شق أقاربهم بحورا تجيش بأنوار التجارب على مدى عمره كإنسان ومدى وجوده كواحد من الذين وسرقوا المعرفة الإنسانية.
ورغم المصاعب و متاهات الإبحار على خريطة لا تغطي الا القليل من مساحة الرحلة واصل طريقه مهتديا بالتراث التنويري الذي خلفه جده الشيخ سليمان الأحمد..إنها المدرسة الأولى حيث هاجر والده إلى الغربة وفي قرية السلاطة وفي بيت هذا الجد ولد عام ١٩٢٦م وفيه بدأ يستفيق ويتعرف الأشياء ويتعلم على يديه كان الجد كما يقول الشاعر يريد أن يهدي إليه وإلى أترابه اجمل ما يمكن أن يهدى لعزيز اللغة ..
وهكذا درس الصرف والنحو والبديع والبيان تحت ظلال زيتونة كبيرة وحفظ ديوان المتنبي وابن الرومي والشريف الرضي وغيرهم.
أما المدرسة الثانية فكانت والدته الوثابة العطشى إلى آفاق جديدة في واقعنا الذي كان يدعو للحزن والرثاء والى التحرر من محدودية الزمان والمكان ..
لقد أغنت حياته بما لايمكن أن يغني خيال طفل،إنها شاعرة تخلق أمام ابنها آفاقا يكاد يحترق لكي يتلمس أبعادها أو يغيب فيها احلى الجنيات وضعتها بين يديه وأروع المواقف الإنسانية قصتها له
اما المدرسة الثالثة ..
كانت أرض بلاده كما يقول الشاعر لقد التهم كل القصص الشعبية وكان يتمثل له في كل حبة تراب من هذه الأرض أو تحت اي حجر أو في كل غار أن يرى حلقة باب يفتح له أو تلك الجنية الحلوة التي تأخذه معها إلى المجهول.
وتحت كل شجرة كان يترقب الطائر الأبيض يخلع ريشه على الأغصان ليلهو معه في مكان ما من عالم اخر أو امرأة كامه تحمله إلى أجواء الاقاصيص التي كانت تحكيها له في الأماسي كل يوم..
والمدارس الأخرى هي الحياة والنضال والعمل من أجل حرية وكرامة الوطن .
من قصائده الخالدة نقف عند معلقته التي أنشدها في ذكرى ثورة آذار:
اشرق ثبيرُ فإن الخيل تنتظر … يقودها الفارسانِ البعثُ والخطرُ
رايات ذي قار رفت في أوائلها …. آذار لوّنها والشمس والمطر
وأسرج الشمس في أيامنا أسدٌ … بوجهه شرف الأيام مزدهر
زهور آذار منه كان رونقها… وعطرها وجنىً لولاها ماعصروا
وجيشه الجيش إن يأمر فأي مدى … لم يختصر وزمان ليس يختصر
في موقف الموت ظلت فوق رايتهم … وعندما نازلوا أعدائهم وتروا
* * * * *
ماكان آذار في التاريخ ذا ثمر … واليوم أصبح وهو الزهر والثمر
فالبعث أشعل فيه كل واعدة … وتلك آياته أشرقن والسُوَرُ
دمشق واشتعلت كالشمس مأثرةً … وراح يصدح من تيهٍ بها الحجر
آذار مرّ عليها وهي غافيةٌ … فأيُّ عرس جمال أيقظ العمر
ياجنة من جنان الخلد وارفة … ظلالها لِمُغير طامع سقر
* * * * *
ياشام فوق أديم الشام كم كبحوا … من الغزاة وكم من فاتح قهروا
جنكيز تيمور هولاكو وغيرهم … من الفرنجة دون السور قد قبروا
والساح ميدان نصر زانه بطل … لأجله الغار من حرِّ الوغى ضفروا
دمشق حقك إما تِهتِ من كبرٍ .. فليس يليق إلا عندك الكبر
ياوقفة للتحدي إنتِ واقفة … والقوم حولك قد خانوا وقد غدروا
أعلنت حرباً على مستعمر قذر .. لضاق من حربك المستعمر القذر
يرغي ويزبد من حقد ومن غضب .. فإن فاته في دمشق القصد والوَطر
يود في الأرز لوتهوي ممزقة … عقبانك السم هذا المأمل العسر
ويستعين بأذناب له لبسوا .. عباءة الدين جلباباً بها ائتزروا
يدعون بالدين للمستعمرين ولا .. دين ولكن حجاب خلفه استتروا
لم يخدعوا الشعب عن أدوارهم فهم .. في موطني لعدوٍّ حانقٍ ذُخُر
ناب من السم شاؤوه لأمتهم … ومخلب لاغتيال الخير مدخر
* * * * *
دمشق ياثورة للحق عارمة … لواؤك النار إما اشتدت الغير
بالسيف تلقين من عاداك مشتعلاً … دماً ويطرب من إيقاعه البصر
أطلقت صوتك صوت الحق فاستمعت .. له العواصم رعداً راح ينفجر
وقفت دون حلولالذل صامدة … في حين أذعن من طالوا ومن قصروا
تثاءبوا حين نادتهم مواطنهم … ولفهم من دعاء الواجب السدر
لو لم تزلزل دمشق الأرض من غضب .. لألحقوا مكة بالقدس واختصروا
* * * * *
أمواج دجلة كم طاغ عبثت به … فراح يعلو ولكن وهو ينحدر
إن يكتبوا ألف سفر في خيانتهم … شعب العراق سيمحو كل ماسطروا
ياراية العرب ظلي فوق عالية … ورفرفي حيث يَغوَى بالدم الظفر
ويادمشق ريادات قد انفتحت .. فما جنى الناس من خير ومابذروا
حملت كل جراح العرب في جرح … بصدرك السمح منه يشرق السحر
ياحافظ العهد ماقالوا ومافعلوا … لغو وماقلت في تارخنا غرر
لأنت أنت صمود الحق في وطني … وكبره أنت حلم الأمة النضر
تراك في كل ماأعلنت من قيم .. لحناً يلف الدُّنا وليسكر الوتر
أبدعت تشرين صبحاً يستضاء به .. وصيحةً فكأن الناس قد حشروا
ياحافظ المجد مجد العرب إن رضيت .. بما أقول وإن لم ترضه مُضَر
من أنت؟ أنت البلاد الشعب لاأحد … إلا ولبيك تدعونا فنأتمر
اقحم بشعبك دنياهم فإنكما … ويل الجناة قضاء الله والقدر