الثورة أون لاين – سامر البوظة:
بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي، ومع اقتراب نهاية المرحلة الانتقالية المحددة نهاية العام الجاري، وانقضاء فصل ثانٍ من مسلسل “بريكست” الطويل، يعود شبح الخروج من دون اتفاق ليخيم على الأجواء، ويزداد هذا الاحتمال في وقت تراوح فيه المفاوضات حول العلاقة المستقبلية بين لندن وبروكسل مكانها، الأمر الذي يرخي بظلاله على الاقتصاد البريطاني المنهك أساساً بسبب جائحة كوفيد-19، مع مخاوف من صدمة مزدوجة قد تترك آثاراً طويلة الأمد على النمو والعمالة، في وقت تستضيف فيه لندن اجتماعاً طارئاً مع الاتحاد الأوروبي وسط أجواء متوترة بعد إعلان بريطانيا نيتها تعديل أجزاء من “الاتفاق”.
الحكومة البريطانية حذرت من أن لندن ستتخلى عن هذا المسعى نهائياً في حال عدم التوصل إلى اتفاق بحلول منتصف تشرين الأول.
ويؤكد رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون أحد مهندسي “بريكست”، أن خروج بلاده بهذه الطريقة “الصلفة” من الاتحاد الأوروبي يشكل مخرجاً جيداً، يسمح لبريطانيا “بالازدهار”, على حد قوله، إذ يتيح لها إبرام اتفاقات تجارية مع دول العالم كلها.
إلا أن عدداً من الاقتصاديين يرى أن هذا السيناريو سيوجه ضربة قاسية جديدة للاقتصاد البريطاني الخارج من أكبر صدمة مسجلة حتى الآن.
ورغم هذه المخاطر، تراهن الحكومة المحافظة على مشروع “غلوبال بريتن” وعلى التفاوض على اتفاقات للتبادل الحر مع الولايات المتحدة واليابان وأستراليا وكندا.
يأتي ذلك في وقت تستضيف فيه لندن اليوم اجتماعاً طارئاً مع الاتحاد الأوروبي لتوضح نيتها تعديل أجزاء من اتفاق البريكست، ما أثار بلبلة في خضم المرحلة النهائية من المفاوضات الصعبة حول العلاقة المستقبلية بين بريطانيا والدول الأوروبية، حيث تعارض المفوضية الأوروبية ذلك بقوة.
وعلى الرغم من إقرار لندن أن في ذلك خرقاً للقانون الدولي، إلا أن رئيس الوزراء البريطاني برر الخطوة بالحاجة إلى حماية أيرلندا الشمالية من أي تفسيرات لاتفاقية البريكست تهدد السلام في المنطقة حسب قوله.
القرار البريطاني أثار وابلاً من الانتقادات حتى في صفوف المحافظين في البلاد ورؤساء حكومات سابقين مثل تيريزا ماي وجون ميجور الذي رأى أنه في حال خسرت بريطانيا سمعتها في الإيفاء بوعودها ستخسر شيئاً لا يقدر بثمن ولن نتمكن من استعادته أبداً على الأرجح.
في المقابل، رد الاتحاد الأوروبي بالتحذير من أن الخطوة البريطانية قد تهدم الثقة، داعياً إلى محادثات عاجلة مع بريطانيا لحل الأزمة.
ويأتي تصاعد التوتر هذا ليلقي بثقل جديد على جلسة جديدة من المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي التي ينبغي أن تفضي في الأسابيع المقبلة إلى تحديد ترتيبات التعاون في المجال التجاري والأمني خصوصاً بين الشركاء السابقين في ختام مرحلة انتقالية تلت بريكست وتمتد حتى نهاية كانون الأول.
كذلك دخلت واشنطن على خط المخاوف من انتهاك بريطانيا شروط “بريكست”، فحذرت رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي بريطانيا من انتهاك هذه الشروط، مشيرة إلى أن هذا الأمر سيعرقل عقد اتفاق مع واشنطن حول التجارة.
ونقلت رويترز عن بيلوسي قولها في بيان:” في حال انتهكت بريطانيا هذا الاتفاق الدولي وفي حال أدى “بريكست” لتقويض اتفاق الجمعة العظيمة لإنهاء النزاع في أيرلندا الشمالية فإنه لن تكون هناك أي فرصة لموافقة الكونغرس على اتفاق تجاري بين الولايات المتحدة وبريطانيا”.