ثورة أون لاين – نهلة كامل:
لم يجمع الشاعر والصحفي الكبير سهيل ابراهيم زوايا أدبه السياسي في كتب، سألته يوماً: لماذا، فأجاب: بل أحاول مباشرة أن أنسى تلك المرارة بعد كتابتها، الواقع لا يعطي إشارات نكرسها للخروج من هذه المتاهة.
وهكذا رحل وترك بصماته الشعرية والثقافية والفنية، دون تأطير، لنا وراءه، في كل مجال عمل فيه وعليه بداية بالشعر وجريدة البعث ومجلتي الكفاح العربي وفن.
شاعر( قناع لوجه القمر) والعديد من المجموعات الأخرى، ترك قصائد كثيرة جمعتها عائلته ونشرتها الهيئة العامة للكتاب في مجموعة أخيرة، تحت عنوان ( مرثية الحبق) بعد وفاته بست سنوات.
سهيل ابراهيم الوطني القومي الناصري اليساري، شاعر القصيدة الحديثة والغنائية، جعل الانتماء اعترافاً شجياً، وكان يفضل منبر الصمت، وبوح الأصدقاء، لكنه ظل حاضرا ًدوماً على مسرح الثقافة لتكريس شخصيات الأدب والفكر والفن بكل احترام وحب وحرص، فأصبح صديق العمر لدى كثيرين.
عرفت صديق العمر، دائماً في حالة شجنه العربي والروحي، لكنه كان يجيد صنع خلطة الشعر من كبرياء الترفع على الحزن فيكون كامرئ القيس، ومن جزالة استرسال الملحمة ليلاقي محمود درويش الذي أحب طريقه، ومن المواجهة الدون كيشوتية ليكتب ويحلل المشهد العربي.
الأقرب إلينا في الانكسار، كان حريصاً ألا يجرح أوهامنا، لعلها تكون الوجه الآخر للحلم، يوماً ما، فيقول في (مرثية الحبق):
ولو غدا قومي ذباب الأرض
أعلي الصوت في كل الجهات منادياً
يحيا الذباب.
كان سهيل خبيراً في تبديد الذات في اللغة، والصوفية في المنجز، ويعطي كل آماله الشعريةللحب كي يواصل الحياة.
أهم البارزين في تكريس الديمومة للشعب، والوجود للامتلاء بالمحبة حتى الرحيل، لم يقرأ جيداً بعد وفاته، وكأنه تقصد هذا، حرصاً على آمالنا الصغيرة، من هجوم الأحزان الكبرى.