إفتتاحية الثورة – بقلم رئيس التحرير – علي نصر الله
مع الاقتراب من استحقاق الانتخابات الرئاسية الأميركية، ومع تَقدّم جو بايدن 10 نقاط على دونالد ترامب حسب آخر استطلاعات الرأي الأميركية – يَحظى بايدن بتأييد 49% مقابل 39% لترامب – يَرمي الأخير بكل أوراقه الانتخابية لإحداث الفَرق المطلوب للفوز بولاية رئاسية ثانية.
في الخَمسين يوماً القادمة سيشهد العالم المزيد من الاستثمار الأميركي بالأكاذيب في إطار حملتي المُرشحَين بايدن – ترامب، وفي سياق حَملتيهما الانتخابيتين اللتين تُسابق إحداهما الأُخرى لكسب تأييد الصهاينة والمُتصهينين. تَبرز مُحاولات الاستماتة الترامبية في هذا الاتجاه على نحو واضح باستخدام ورقة التطبيع الخليجية مع الكيان الصهيوني.
مملكة الرمال “السعودية” قد تَلتحق مُباشرة وبسرعة كبيرة بخطوتي التطبيع الخليجيتين مع الكيان الصهيوني، ذلك لتَقديم الخدمة الإلزامية لترامب التي ربما تُحسن وضعه الانتخابي من جهة، وتُنقذ نتنياهو من جهة أُخرى، وإنّ في إقامة كَرنفال التطبيع الأسبوع القادم في واشنطن الدليل على استماتة ترامب لتَسجيل خطوة باتجاه “صفقة القرن” التي يُعول عليها واهماً بتَغيير المزاج الانتخابي داخلياً، والوضع بالمنطقة تَحقيقاً للمصلحة الصهيوأميركية المُشتركة، خارجياً.
مشيخة قطر التي سَبقت أخواتها في الهَرولة باتجاه التطبيع منذ مُنتصف تسعينيات القرن الماضي، تَسلمت المهمة الإنقاذية لترامب، وهي على مَوعد عاجل مع وزير خارجيته لاستكمال ما بَدأته بمَسرحية جمع الطرفين الأميركي والأفغاني تحت عناوين “السلام” الكاذب الذي من غير المَعلوم كيف سيَعم، وما الذي تَغير في الطرفين وبينهما ليَتم؟ وربما ليَتضح لاحقاً أنّ ثمة مخططاً إرهابياً جديداً سيُوضع، تُوزع الأدوار بمُوجبه بين المُشغل الأميركي والأداة الأفغانية والمُمول القطري.. هذه ورقة انتخابية أخرى!.
بالتأكيد، هناك المَزيد من الأوراق الانتخابية الواهمة تُطرح حالياً، وأخرى يجري تَحضيرها، ومن الواضح أنّ ثمة استنفاراً وحالة جاهزية استثنائية لا تَخفى، وتبدو مَلامحها بارزة واضحة يَتصدى لها أعراب الخليج مع نتنياهو وترامب وصهره كوشنر، وإنّ حديث ترامب عن خفض قواته بأفغانستان إلى 4000 جندي خلال فترة قصيرة، وبالعراق إلى 2000 جندي، وادعاءه بأن أميركا خرجت تقريباً من سورية والعراق، إنما هو رَمي لأوراق انتخابية إذا كان يُعول عليها، فإنها تَعكس بالواقع حجم الفشل والمأزق الذي هو فيه.
ترامب يُنافق ويَخدع الأميركيين والعالم، ويَستثمر بالكذب والإرهاب. فيما لا يَقل بايدن عنه بالنفاق للكيان الصهيوني، وبالخداع الذي يَستهدف الرأي العام الداخلي والخارجي، ولعل التجسيد الحقيقي لأكاذيب ترامب المَفضوحة تتجلى بتصريحه الأخير الذي يَستخف ويَستغبي المؤيدين قبل الخصوم الذي يَدعي فيه تأكيداً لأمر لا تتوافر أبسط المُقدمات المُؤَهَلَة لجَعله أمراً يَقترب من الواقع، أو حتى يُلامسه مُجرد مُلامسة: “إذا فزتُ بالانتخابات فإنّ إيران ستُوقع اتفاقاً معنا في أول أسبوع أو في أول شهر”؟!.
يَستميت ترامب للفوز بولاية رئاسية ثانية، يَنعت بايدن بالخرف والعجز عن التعبير، بل حتى عن صف جُملتين مُتتاليتين. بينما لا يُقصر بايدن بدفع ترامب للجنون نَبشاً بحماقاته وتَشكيكاً بأهليته ولياقته وكفاءته.. يُصفق نتنياهو ويَفرك يديه فرحاً، بينما يتم رصد قذارة مجلس التناحر الخليجي ومُستويات الخيانة والتآمر فيه!.
السباق إلى البيت الأبيض سيَكشف المزيد من مَقادير النفاق والكذب والفضائح والحماقات، وسواء انتهى بفوز بايدن أم ترامب، فإن نهج البلطجة الأميركي سيَتواصل، لكنه لن يَنتهي إلا إلى مزيد من الخيبات، ما نحنُ مُتيقنون منه أنها ستزداد في منطقتنا، ذلك أنّ الرُّكام الناتج عن تَحطم مشاريع العدوان ضد سورية والعراق ولبنان واليمن وإيران سيَكبر ويَتعاظم.