التطبيع .. تطويع واستسلام

 

لم يكن مستغرباً أن تقوم البحرين باتفاقية ” تطبيع ” أو ” تطويع ” مع الكيان العبري، فقد كانت هذه العملية تتم تحت الطاولة تمهيداً لإعلانها في الوقت المناسب والذي يشير بأن بقية الدول الواقفة في طابور الانتظار للانخراط في هذه العملية أصبحت جاهزة لإقامة علاقات مع العدو في أي فرصة تلوح في الأفق، منذ كامب ديڤيد إلى أوسلو مروراً بوادي عربة، فالعداء “لإسرائيل” الغاصبة أصبح من الماضي بوجود أنظمة استسلاميه مرتهنة ومذعنة لأميركا عرابة التطبيع التي تعمل جاهدة ومنذ سنوات للوصول لمرحلة يعيش فيها الغاصب الغريب بأمن وأمان .. فهل يمكن أن يتحقق ذلك؟

وعندما أطلق ترامب مشروعه لحلّ أزمة «الشرق الأوسط» تحت عنوان «رؤية للسلام »، وروّج لها بما يسمى «صفقة القرن» كان يهدف من ذلك إعطاء «إسرائيل» كامل أرض فلسطين التاريخية على مراحل باستثناء قطاع غزة، ما يعني أن كامل أرض فلسطين وحق أهلها بالعودة سيتبخر بعد أن تؤسس”إسرائيل” النهائية وتصفى القضية وهذا الهدف يستحيل حصوله ما لم يتمّ اعتبار «إسرائيل» جزءاً أساسياً من المنطقة وإقامة علاقات طبيعية بينها وبين دول الجوار.

إن هذا “التطويع” يتطلب اعتراف الدول العربية والإسلامية بـ «إسرائيل» كدولة شرعية، ونهائية وحقها في التعامل مع المحيط بصفتها الجديدة، يليها إسقاط أيّ مطالبة أو مراجعة بالأرض والثروة التي وضع الكيان الغاصب يده عليها مما يعني نسف كافة قرارات الشرعية الدولية من القرار ١٨١الصادر ١٩٤٨ومابعده، وهذه العلاقة مرشحة للتطور إلى حدّ إمكان إقامة التحالف ضد أي عدو مشترك.

ولهذا فإن مصطلح التطبيع ساقط من الناحية القانونية، “فإسرائيل ” قائمة على أرض الغير كما أنها تحتل أراض لدول مجاورة في سورية ولبنان وبالتالي فإن إقامة علاقة طبيعية معها قبل تصفية العدوان تعتبر استسلاماً، وهذا ينطبق على جميع الدول العربية الموقعة على ميثاق الجامعة العربية وعلى اتفاقية الدفاع العربي المشترك.

وعليه، فإنّ إقدام دول لا تتصل جغرافياً بفلسطين المحتلة، تجعل من التطبيع هدايا مجانية واستسلاماً مطلقاً وانتقالاً إلى معسكر العدو، كما فعلت الإمارات والبحرين بعد صلحهما مع العدو والدخول مباشرة في حلف مع «إسرائيل» ضدّ إيران أحد أقطاب محور المقاومة الأساسيين، وهذا النوع من التطبيع لا يتحقق في ذاته، بل يرتبط بعوامل خارجية لتؤمن له الحماية ومهما تحشدت الدول المطبعة، فلا يمكنها أن تطمئن لمستقبلها ان لم تتحقق من وجود العناصر الثلاثة مجتمعة.

إضافة إلى أن التمييز ضروري بين الحكومات والشعوب، التي يكاد رفضها للتطبيع يصل إلى شبه إجماع، فضلاً عن وجود محور المقاومة والذي يحشد القوة من أجل التحرير، وإنّ هذا المحور الذي أثبت في العقدين الأخيرين امتلاك قدرات غيّرت مسار الأحداث وأسقطت المشاريع الاستعمارية ومنعت قيام النظام العالمي الأحادي بقيادة أميركا.

وهكذا لن يكون لهذه العملية قيمة في صنع الاستقرار لـ «إسرائيل» و لن يغيّر في الخريطة الإستراتيجية الحقيقية للقوى، فمن يطبع اليوم كان حليفاً تحت الطاولة لـ «إسرائيل» منذ عقود وكل مافي التطبيع، هوالانتقال من التخفي إلى الجهر بالعمالة.

و «إسرائيل» ستبقى في وجدانها تبحث عن أمنها الذي لن يتحقق في ظلّ الرعب الذي تعيشه بسبب الصواريخ والانتفاضات والمواجهات والقتال على الجليل، وطالما أنّ من يرفضها عرف الطريق إلى امتلاك القوة بما فيها العسكرية والميدانية وامتلاك إرادة المواجهة.

وإن غداً لناظره قريب

معاً على الطريق-د. عبد الحميد دشتي

آخر الأخبار
قريبًا.. ساحة سعد الله الجابري في حلب بحلّتها الجديدة لأول مرة .. افتتاح سوق هال في منطقة الشيخ بدر الفلاح الحلقة الأضعف.. محصول الخضراوات بحلب في مهب الريح في حلب .. طلبة بين الدراسة والعمل ... رهان على النجاح والتفوق جيل بلا مرجعية.. عندما صنعت الحرب والمحتوى الرقمي شباباً تائهاً في متاهة القيم التقاعد: بوابة جديدة للحياة أم سجن الزمن؟. موائد الحرب تمتلئ بكؤوس النار ويستمر الحديث عنها.. العدالة لا تُؤخذ بالعاطفة بل تُبنى بعقل الدولة وعدالة القانون سيارة "CUSHMAN" المجانية.. نقلة حيوية للطلاب في المدينة الجامعية ميلان الحمايات الحديدية على جسر الجمعية بطرطوس..واستجابة عاجلة من مديرية الصيانة المعلمون المنسيون في القرى النائية.. بين التحديات اليومية وصمود الرسالة التربوية أكثر من 50 حاجاً سورياً يستفيدون من عمليات الساد العيني.. بالتعاون مع جمعية" يبصرون" سوريا تتعرض لسقوط طائرات مسيرة وصواريخ مع تصاعد المواجهة بين إسرائيل وإيران هل خدع نتنياهو ترامب لجرّ واشنطن للحرب ضدّ إيران؟ رابطة الصحفيين السوريين: اعتداءات "إسرائيل" على الإعلاميين في الجنوب ترقى إلى جرائم حرب تصاعد الصراع بين إسرائيل وإيران يتصدر أعمال قمة مجموعة السبع تصعيد إيراني في عناوين الصحف: إسرائيل تحت النار والولايات المتحدة في مرمى الاتهام خلخلة الاستثمارات عالمياً خبير مصرفي لـ"الثورة": تراجع زخم الاستثمارات تحت وقع طبول الحرب سعيد لـ"الثورة": الأسواق المالية عرضة للصدمات الخارجية الحلبي في مؤتمر الطاقات المتجددة: من التبعية إلى الإبداع... والتعليم العالي شريك