الملحق الثقافي:
في كتابه “العولمة والديمقراطية والإرهاب”، يكتب المفكر البريطاني الأحداث التاريخية الكبرى، وما نتج عنها، عبر تحليل عميق. ضم الكتاب عشرة فصول تتناول الوقائع المفصلية في تاريخنا المعاصر، والتحولات البنيوية العميقة في تكوين بعض الممارسات التاريخية التي قامت بها بعض الدول الكبرى، وما حملته من وجهات نظر في طريقة التعامل مع الإنسان، وما اتسمت به من هيمنة، وكمثال على ذلك الإمبراطوريتان: البريطانية، والأمريكية.
لم يقتصر تأثير الهيمنة على الدول الهامشية، إنما هذا يشمل كافة الدول في العالم، حيث لم يعد التاريخ يرتهن إلى قوة عظمى أو إمبراطورية متفردة، إنما أصبح للمجموعات الصغيرة والهامشية دور في التأثير.
لقد اندلعت الحروب في العالم، ومثال على ذلك الحربان العالميتان، ولكن تغيرت الحرب وظهرت بشكل جديد. لم تعد حالة الحرب تختلف عن حالة السلم، أو لم يعد التمييز بينهما واضحاً، وخصوصاً منذ منتصف القرن العشرين. ورغم ذلك فإن آثار الشكل الجديد تتضح من كم اللاجئين نتيجة النزاعات الأهلية، أو الحدودية بين الدول.
ويرى هوبزباوم أن الدول المستقرة والكبرى، التي تتمتع باقتصادات كبرى، وتوزيع عادل للثروة ستكون أقل عرضة للانهيارات أو للاضطرابات الاجتماعية والسياسية، ما يجعلها تقترب أكثر من مفهوم السلم، في حين ستقبع الدول التي لا تتمتع بنظام قانوني، وتوزيع عادل للثروة في خانة حالة الحرب.
إضافة إلى ذلك، فإن العولمة أطلقت شياطينها في عقول البشر، والشعوب كما الدول، ومع ذلك، فإن الكاتب يرى أن زمن تفكك سيطرة أقطاب تقليدية، ومنها الولايات المتحدة، على العالم، يعد من العوامل الرئيسة، فثمة ما تحتاجه هذه الدول يتجاوز القوة العسكرية، ولاسيما الولايات المتحدة، كالتأثير الاقتصادي، والثقافي والإعلامي. ولعل أفكار رامسفيلد في شن حروب سريعة وخاطفة، قد جلب الدمار كما يقول هوبزباوم، حيث لم تنجح خطط اليمين الجديد، بل أدت سياسته إلى الفوضى والاضطراب في العالم، وعواقب مدمرة.
إن القوة التي تمتعت بها بريطانيا وأمريكا قد تعرضت للانتهاك مع بروز القوى الجديدة التي نتجت بفعل العولمة والانفتاح الاقتصادي، بحيث لم تعد الإمبراطوريات على هذا القدر من القوة، في ظلال بروز قوى اقتصادية أخرى.
يشير هوبزباوم يشير إلى الإرهاب، حيث انتشر العنف بات الحفاظ على السلم من أصعب المهمات التي تواجهها الحكومات نتيجة ضعف قوتها، وانتشار الأسلحة أسهم في انطلاق هذا العنف على كافة المستويات.
التاريخ: الثلاثاء15-9-2020
رقم العدد :1013