مبادرة “الحزام وطريق الحرير”.. هل تصلح الاقتصاد العالمي بعد كورونا؟

الثورة أون لاين – ترجمة ختام أحمد:

أحدثت جائحة COVID-19 تغييرات كبيرة في جميع أنحاء العالم، ما أدى إلى تخريب أو إعادة تشكيل العديد من الاتفاقات الدولية، فالجائحة تعتبر الحدث الرئيسي الثالث الذي غير جدول الأعمال العالمي لهذا القرن، وأول حدثين هما هجمات 11 أيلول 2001 على الولايات المتحدة، والأزمة المالية العالمية لعام 2008، ومن بين التطورات الرئيسية الأخرى التي أثرت على العالم منذ عام 2017 أيضاً الحرب التجارية التي شنتها الولايات المتحدة، وخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
لطالما كانت أزمات الصحة العامة تحديًا خطيرًا للمجتمع، حيث تمثل صحة الناس أولوية قصوى لجميع البلدان، فبسبب جائحة كورونا فقد ملايين الأشخاص وظائفهم، وتوقف الكثير من الأطفال عن الدراسة والالتحاق بمدارسهم، ما أدى إلى صدمة نفسية لديهم.
يقول تقرير صادر عن منظمة العمل الدولية إن أكثر من سدس الشباب في جميع أنحاء العالم فقدوا وظائفهم، وأن 42 بالمئة من أولئك الذين ما زالوا يعملون قد تم تخفيض رواتبهم، يبدو أن الوضع سيئ بشكل خاص في البلدان النامية، ومعظم البلدان الواقعة على طول طريق الحرير هي دول نامية، وواجهت تحديات صحية عامة حتى قبل اندلاع الوباء.
تشير الإحصاءات إلى أن 3 بالمئة فقط من الأدوية في إفريقيا تُنتج محليًا، وأن 70 بالمئة من سكان العالم يفتقرون إلى الخدمات الطبية المناسبة، لذلك يعتبر التعاون في مجال الرعاية الصحية العامة مهمة أساسية لمبادرة “الحزام والطريق”، ما يجعل تطوير “طريق الحرير للصحة” وبناء مجتمع من الصحة المشتركة للبشرية أمرًا ضروريًا، لذلك يجب أن تكون الأولوية العاجلة لوقف انتشار الفيروس وحماية الصحة العامة في جميع أنحاء العالم.
وبما أنه في حقبة ما بعد الوباء، ستزداد الحاجة إلى التعاون العالمي والإقليمي في هذا المجال بشكل حاد، فهناك حاجة إلى تسريع إنشاء البنية التحتية للصحة العامة، وجعل نظام الصحة العامة العالمي أكثر فعالية واستدامة في إطار “طريق الحرير للصحة”، ومن الضروري تعبئة المؤسسات بالكامل في جميع البلدان للمساعدة في بناء مجتمع مشترك للصحة، وزيادة تعزيز التعاون الدولي في مكافحة الأمراض المعدية، وتحسين صحة الأم والطفل، وتطوير اللقاحات.
نحتاج أيضاً إلى توفير المزيد من سلع الصحة العامة بما في ذلك التثقيف الصحي وتدريب الموظفين، فقد دفع الوباء العديد من الدول الواقعة على طريق الحرير إلى التحول أكثر إلى الداخل، ما أدى إلى انخفاض الطلب على البنية التحتية والتجارة والاستثمار، كما انخفضت الطلبات على العديد من المجمعات الصناعية في الدول المشاركة بمعاهدة “الحزام والطريق” بشكل حاد، ما زاد من صعوبة جذب الاستثمار، وقد تحولت العديد من الشركات إلى إنتاج منتجات صيدلانية، وبالنسبة للدعم المالي، فإن رأس المال العالمي مقيد بشكل عام، وتستثمر المؤسسات المالية الدولية بحذر إضافي، وما يزيد الوضع تعقيدًا محاولة بعض الدول الغربية فصل اقتصادياتها عن الاقتصاد العالمي الأوسع من أجل إعادة تأهيل” صناعاتها، ما يخلق المزيد والمزيد من المشكلات للبلدان النامية.
من الضروري أيضاً بناء “طريق الحرير الرقمي” لمساعدة الاقتصاديات النامية على التعافي بشكل أسرع من خلال عدة أمور منها، تعزيز تنسيق سياسة الاقتصاد الكلي وتسهيل الاستئناف المنظم للعمل والإنتاج، ويجب على الحكومات من جانبها التركيز بشكل أكبر على التعاون في قطاعات مثل الاقتصاد الرقمي وصناعة الأدوية، مع تعزيز الأمن الغذائي، وخلق نقاط نمو جديدة في مجالات التجارة الإلكترونية والمدن الذكية والذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة، والسعي الجاد لتضييق الفجوة الرقمية.
الاقتصاد العالمي اليوم في حالة ركود ويحتاج إلى النمو الشامل للتعافي، وتعد مبادرة “الحزام والطريق” مثالاً ناجحًا للنمو الشامل لأنها تهدف وبشكل أساسي إلى توليد طلب جديد وإعادة توازن الاقتصاد العالمي من خلال زيادة العرض الفعال، ولقد أثر وباء كورونا على علم النفس الاجتماعي والأيديولوجيات، ما جعل الاختلالات الحالية في نظام التجارة الدولي أكثر وضوحاً، لذلك يجب أن يكون لمشروع “الحزام والطريق” بعد استراتيجي، خاصة وأن هذه الدول تأمل في تعزيز تنميتها من خلال التعاون العالمي، كما ينبغي اتخاذ تدابير لرفع معايير التنمية، والتوافق مع الأهداف المستدامة، وتحسين سبل عيش الناس، من أجل ضمان استفادة أقصى عدد من الأشخاص من المشاريع، وإتاحة موارد الصحة العامة في البلدان المشتركة على طول طريق الحرير، كما يتعين على الصين أن تؤكد على دور التعاون في القدرة الإنتاجية من أجل المساعدة في وضع البلدان النامية على طريق التصنيع والتحديث.
لقد أعطت العديد من دول “الحزام والطريق” الأولوية للزراعة وهي تفتقر إلى مرافق الرعاية الصحية العامة، ما يجعل من الضروري تعزيز إنشاء حدائق للصناعات الزراعية وشركات الأدوية، وتعميق التعاون في قطاعاتمثل إنتاج الأغذية وتصنيعها والمنتجات الزراعية، وكذلك الطب والرعاية الصحية.
بعد احتواء الوباء، سوف يزدهر التعاون في مبادرة الحزام والطريق بحيوية جديدة، وسيساعد ذلك على تحسين الحوكمة العالمية بهدف بناء مصير ومستقبل أفضل للبشرية.

 

بقلم تشاو لي 

China Daily

آخر الأخبار
"تجارة ريف دمشق" تسعى لتعزيز تنافسية قطاع الأدوات الكهربائية آليات تسجيل وشروط قبول محدّثة في امتحانات الشهادة الثانوية العامة  سوريا توقّع مذكرة تفاهم مع "اللجنة الدولية" في لاهاي  إجراء غير مسبوق.. "القرض الحسن" مشروع حكومي لدعم وتمويل زراعة القمح ملتقى سوري أردني لتكنولوجيا المعلومات في دمشق الوزير المصطفى يبحث مع السفير السعودي تطوير التعاون الإعلامي اجتماع سوري أردني لبناني مرتقب في عمّان لبحث الربط الكهربائي القطع الجائر للأشجار.. نزيف بيئي يهدد التوازن الطبيعي سوريا على طريق النمو.. مؤشرات واضحة للتعافي الاقتصادي العلاقات السورية – الصينية.. من حرير القوافل إلى دبلوماسية الإعمار بين الرواية الرسمية والسرديات المضللة.. قراءة في زيارة الوزير الشيباني إلى الصين حملات مستمرة لإزالة البسطات في شوارع حلب وفد روسي تركي سوري في الجنوب.. خطوة نحو استقرار حدودي وسحب الذرائع من تل أبيب مدرسة أبي بكر الرازي بحلب تعود لتصنع المستقبل بلا ترخيص .. ضبط 3 صيدليات مخالفة بالقنيطرة المعارض.. جسر لجذب الاستثمارات الأجنبية ومنصة لترويج المنتج الوطني المضادات الحيوية ومخاطر الاستخدام العشوائي لها انطلاقة جديدة لمرفأ طرطوس.. موانئ دبي العالمية تبدأ التشغيل سوريا والتعافي السياسي.. كيف يرسم الرئيس الشرع ملامح السياسة السورية الجديدة؟ هل تسهم في تحسين الإنتاجية..؟ 75 مليون دولار "قروض حسنة" لدعم مزارعي القمح