الثورة أون لاين – زينب العيسى:
في الوقت الذي يتسابق فيه العالم لإنتاج لقاح فعّال ضد فيروس كورونا، يحاول الرئيس الأميركي دونالد ترامب تجنيد الجائحة انتخابياً، حيث وُضِع اللقاح المنتظر على خطة حملته الانتخابية قبل انطلاق ماراثون الانتخابات الرئاسية المقررة في تشرين الثاني المقبل.
“اللقاح ضد فيروس كورونا بات قريباً “هذا ما وعد به ترامب العالم مضيفاً: “نحن على مسافة أسابيع من الحصول عليه، ربما ثلاثة أو أربعة أسابيع”، وكان قبل ساعات قليلة من هذا التصريح أكد أن إنتاج اللقاح بات ممكناً في غضون “ثمانية أسابيع”.
وبحسب رأي محللين فإن وعد ترامب المثير جداً للجدل حول اللقاح الموعود سيظهر مع الانتخابات الأميركية، حيث يستثمر فيه ترامب المال والكثير من الرصيد السياسي، فهل الهامش الزمني منطقي لطرح اللقاح، أم أن الوعد هو مجرد ورقة ضغط أخيرة سيستخدمها ترامب قبل انطلاق الانتخابات؟!.
ترامب وعد الأميركيين أن يكونوا أول من يحصل على اللقاح معطياً انطباعاً بأن كل شيء سيكون على ما يرام، ولم يخلُ وعده هذا من الجدل أيضاً حيث ندد به كثيرون ممن قالوا إن سياسة واشنطن لا تحترم حق الفقراء باللقاح.
بدورهم عبر الديمقراطيون عن القلق من أن يكون ترامب يمارس ضغوطاً على الهيئات الصحية الناظمة والعلماء للموافقة على لقاح متسرع، يساعده في تعزيز حظوظه للفوز بولاية رئاسية ثانية أمام منافسه جو بايدن.
ويقول علماء من بينهم الخبير الكبير في الأمراض المعدية وطبيب البيت الأبيض أنطوني فاوتشي”إنه لا ضمانات للوصول إلى لقاح”.
الآن باتت جائحة كورونا التهديد الأكبر الذي يواجه فرص إعادة انتخاب ترامب لولاية ثانية، وقد تكون هذه الأزمة العامل الحاسم في تحديد نتيجة الانتخابات الرئاسية المقبلة، وربما التشريعية التي ستليها، فقد ساهم رد فعل ترامب الأوّلي المستخف بالوباء، ثم الاستجابة المرتبكة والمتأخرة لإدارته في التعامل مع تفشيه، في انهيار أسواق الأسهم المالية، وشلَّ التعامل المتأخر مع الفيروس مظاهر الحياة في أميركا وأدى لانكشاف ضعف البنية الصحية الأميركية، فضلًا عن فقدان مئات الآلاف من الأميركيين لوظائفهم، وتتوقع بعض التقديرات أن تصل نسبة العاطلين عن العمل في الولايات المتحدة إلى أكثر من 20 في المئة، وقد ترتفع أكثر من ذلك، في حال استمرت الأزمة ما بين 12 و18 شهراً كما تشير بعض الجهات المختصة.
ويعيش اليوم عشرات الملايين من الأميركيين تحت حجْر كامل، وإذا ما عجزت إدارة ترامب عن منع انهيار الاقتصاد ومعالجة مشكلة البطالة الفادحة التي ستترتب على هذه الجائحة، وهذا ما لم يعد متاحاً من حيث الوقت المتبقي، فإن ذلك ربما يحرم ترامب من ورقته الأقوى في معركة الانتخابات، أي ورقة الاقتصاد.
خلال السنوات الثلاث الماضية، حاول ترامب أن يبني شعبيته على أرضية اقتصادية قوية، وقد لعب دور رجل المال الأميركي بامتياز أكثر مما لعب دور الرئيس، ولكن كان هناك الكثير من الأوراق التي زعزعت استقرار أرضيته الاقتصادية التي بنيت على حساب الضرر الذي لحق بدول وشعوب كثيرة حول العالم، فمن ورقة كورونا وانتكاسة الاقتصاد بسبب الجائحة، ومقتل جورج فلويد (الجريمة العنصرية التي هزت أميركا ولاقت استنكاراً عالمياً) إلى أزمة تماثيل رموز أميركا التي تم تحطيمها في الاحتجاجات، يلجأ ترامب المأزوم حالياً لورقته الأخيرة وهي اللقاح والتي ربما تضمن له البقاء على كرسي الحكم.
أسلوب ترامب الفوضوي والمرتبك في إدارة ملف جائحة كورونا في الأسابيع الأولى، وتحميل طيف واسع من الإعلام الأميركي له مسؤولية تفشي الوباء، في مقابل الخطاب المعقول لمنافسه بايدن، وتقديم الأخير برنامجاً مفصلاً لكيفية تعامله مع الأزمة لو وصل إلى البيت الأبيض، كلها عوامل قد تضعف موقف ترامب في الانتخابات، وقد يتخلى بعض مؤيدي ترامب عنه، إذا فشلت جهوده في السيطرة على تفشي الوباء، وما قد يتبع ذلك من تأثيرات في الحياة اليومية للمواطنين، وأوضاعهم الاقتصادية، حيث عجزت الولايات المتحدة عن توفير أبسط المستلزمات للتعامل مع هذه الأزمة، مثل الكمامات الواقية والقفازات الطبية والمعقمات.
أما إذا نجحت خطته في طرح اللقاح في الوقت المناسب، حيث من المتوقع أن يتم الإعلان عن ذلك في مراسم استعراضية قبل موعد الانتخابات بأيام قليلة، فقد يستطيع جني الكثير من المال وربما زيادة فرص فوزه بالانتخابات.
وبحسب رأي محللين فإن جائحة كورونا تمثل أكبر تحدٍ يواجهه ترامب منذ تبوئه منصب الرئاسة، ويبدو أن هذه الأزمة ستكون العامل الحاسم في تحديد مصيره الانتخابي، وخاصة أن أميركا تملك الحصيلة الأكبر من الإصابات، أكثر من سبعة ملايين إضافة إلى تجاوز عدد الوفيات حاجز المئتي ألف، فيما الخط البياني في صعود أكثر منه في هبوط وهذا يعني استمرار التخبط والعجز في إدارة الأزمة، ولعل الكثيرين يتساءلون اليوم أيهما أخطر على الأميركيين وباء كورونا أم ترامب نفسه الذي ألحق الضرر بسمعة الولايات المتحدة وباقتصادها نتيجة قراراته الطائشة وتصريحاته المستفزة وتهديداته الحمقاء لدول عديدة بالعقوبات الاقتصادية تارة وبالحرب العسكرية تارة أخرى، مع ما يلحقه ذلك من أضرار بالغةٍ بالأمن والاستقرار والسلام في العالم.