يطالب الناس بتحسين الوضع المعيشي بعد أن ضاقت بهم سبل العيش، وهم مدركون أن الدولة لم تدخر سبيلاً لفعل ذلك، ولكن بنفس الإدراك يعلمون أن بعض السياسات الحكومية والممارسات الخاطئة بددت موارد الدولة وأوصلت الأوضاع إلى ما هي عليه.
الخروج من الأزمة ليس سهلاً ولن يكون قريباً، ويحتاج الأمر لفترة زمنية على الأقل تكون ضعف فترة الأزمة مع ضخ موارد بشكل كبير ومنتظم، الخروج من الأزمة يحتاج لبرامج وخطط وأموال لتنفيذ تلك الخطط، إذا المشكلة مشكلة تمويل والدولة تحتاج إلى مصادر تمويل تكفي لأكثر من عامين على الأقل لحين بدء الخطط بالإنتاج.
التمويل إما داخلي أو خارجي، والتمويل الداخلي غير كافٍ حتى لو تم تصحيح السياسة النقدية والضريبية، لأن الأمر يحتاج كي يثمر على الأرض إلى فترة طويلة، وعليه يبقى الخيار الوحيد لتمويل الخطط الإنقاذية وتمويل الاحتياجات مصدراً خارجياً ، وهو ما لجأت إليه الدولة السورية عبر الخطوط الائتمانية مع الأصدقاء الروس والإيرانيين، ولكن ذلك لا يكفي اليوم في ظل الأزمة الخانقة، ولا بد من البحث عن مصادر تمويل جديدة، ويكاد يكون الخيار الوحيد لدى الأصدقاء الصينيين الذين يمتلكون فائضاً كبيراً على عكس الروس والإيرانيين الذين تعصف بهم أزمات اقتصادية نتيجة العقوبات وكورونا.
بعد التحرير في عام 2017 أضاعت الحكومة فرصة وضع خطط وسياسات إنتاجية للنهوض بالواقع، ولو وجدت سياسات ناضجة ومحكمة زمنياً لكنا نعيش اليوم بموارد تلك السياسات، ولكن ما ضيعناه في تلك المرحلة المريحة نوعاً ما نحصده اليوم اختناقا، وكي لا نكرر المشكلة يجب أن نكثف الخطط الإنتاجية، ونعمل مع الصديق الصيني للحصول على تمويل كي نحصد نتائج ملموسة بعد عامين مع بدء جني ثمار الخطط.
لا توجد حلول جذرية للأزمة المعيشية بوقت قريب، ولكن قد نشهد انفراجات، وما لم نوجد شركاء جدد في تمويل وتنفيذ الخطط ستبقى الأمور على حالها، نحتاج إلى تدخل اقتصادي قوي من أحد الأصدقاء يشبه تدخل الروس في الحرب العسكرية على الإرهاب عام 2015 وربما يكون من الروس أيضاً.
على الملأ – معد عيسى