الثورة أون ﻻين -آنا عزيز الخضر:
السمة الأهم التي تميز النص المسرحي، هي ديمومة بريقه وإمكاناته بأن يكون صالحاً لأي زمان ومكان، مجسداً نقطة استقطاب كل مجتمع إنساني حيث يمكن إسقاط معطياته ببساطة، وكل ذلك بسبب علاقته القوية بالجانب الإنساني. ذلك الجانب الذي يتشابه به جميع البشر، إذا ما تشابهت الشروط والظروف، فتتماثل التجربة بتداعياتها وتفاصيلها.. بردود أفعال أناسها، وتتجلى عندئذ المؤشرات تلقائياً، بضرورة تطهير الدواخل الانسانية وضرورة إقصاء كل ماينزعها من كينونتها الإنسانية.
إنه الهدف لكل منجز فني راق، والمسرح هو أول من عمل على التطهير الانساني منذ بداياته الأولى، أما نصوصه العالمية التي خلدت، فهي من تترجم ذلك بكل دقة، وقد عمل عليها المبدعون على مدى الزمن ومنهم الفنانون السوريون، الذين اعتمدوا على نصوص عالمية منها مؤخراً “رقصة الموت الأخيرة”.
هو نص لـ “أوغست سترندينبرغ” لكنه أتى مقارباً لواقعنا، مثلما أكد المخرج “حسن عكلا” دوماً عبر تصريحاته العديدة حول العمل..
اجتمع في العمل أكثر من محور وأكثر من حالة، نقلت كل منها النوازع الإنسانية والصراع الأبدي بين الفضيلة والآثام والمحاوﻻت الدائمة للتخلص منها، عبر علاقات متداخلة ومتنوعة، كشفت عن فساد وجشع واحتيال، لطالما سيطر على بشر قد أخذوا بواقع مادي متخم بالنفاق والنصب والبعد عن الجانب الإنساني.
حول العرض، كان اللقاء التالي مع بطل المسرحية. الفنان “غسان الدبس” الذي تحدث عن هذا العمل قائلاً:
“جسدت شخصية “كورت” الشخصية الانتهازية، وهي من الطبقة البرجوازية.. “كورت” كان على علاقة مع “اليسا” ابنة عمه، وهي من الطبقة ذاتها، وكان رافضاً لآلية وتفكير “ادغار” المتسلق على طبقة الأرستقراطية، ويصطدم معه في حاله ابتزاز ونصب.
هي شخصيه تبتز في الخارج، تتابع وتعود للابتزاز والاستغلال. يحاول أن يعيد “اليسا” التي تورطت مع “ادغار” في زواج مخطط له، لتنتهي المسرحية بخسارة الثلاثة معاً. ذلك أن كل واحد منهم انتهازي على طريقته.
بالنسبة للنصوص المترجمة العالمية، يمكنها أن تمسنا بشكل مباشر أو غير مباشر، وأن تقترب من واقعنا، والمخرج أو المعد المتميز، هو من ينتقي النص الذي يخدم ويتفاعل به جمهورنا، وبكل الأحوال المسرح العالمي غني جداً بأعمال فنية راقية، ولها زخم اجتماعي وثقافي وفني عالي المستوى، وإن قلنا إن هناك مشكلة ما، فإنها بمن يتناول أو يتطاول على المسرح، إن صح القول، فكيف بتلك الحالة؟..
هو هنا، يقدم الفن مهما كانت ماهيته، بطريقة تطفلية، حتى على البيئة الطبيعية والواقعية لمجتمعه، فعلينا أن نحترم المسرح ونحترم أهدافه، وليس السبب النص العالمي، وبكل الأحوال سيكون هناك حاله رفض ونبذ من المسرح لكل هؤلاء”..
السابق