الثورة أون لاين – عائدة عم علي:
مع مرور عشرين عاما على اندلاع انتفاضة الأقصى في 28 أيلول من عام 2000 تبدو الظروف الحالية التي يعيشها الفلسطينيون اليوم بسبب جرائم الاحتلال الصهيوني المتصاعدة، والإجراءات الاستيطانية غير المسبوقة، مهيأة أكثر من قبل لاندلاع انتفاضة جديدة ضد المحتل الصهيوني، وما يعزز هذا الاحتمال هو خطوات التقارب الفلسطينية الفلسطينية لتكريس حالة الوحدة الوطنية الفلسطينية، لاسيما وأن إجراءات تصفية القضية الفلسطينية عبر ما يسمى “صفقة القرن”، تأخذ منحا تصاعديا في ظل عمليات التطبيع المجانية، والضغوط الأميركية القصوى لتمرير تلك “الصفقة”.
فقبل عشرين عاما وتحديدا يوم 28 أيلول، اندلعت شرارة الانتفاضة الفلسطينية الثانية، التي عرفت باسم “انتفاضة الأقصى”، كرد فلسطيني شعبي على أعمال الاستيطان، ورفض حكومة الاحتلال وقتها برئاسة أيهود براك، تنفيذ بنود اتفاقيات السلام، وخضوعه لقوى اليمين المتطرف وقتها، وسماحه لرئيس وزراء الاحتلال السابق أرئيل شارون بتنفيذ عملية اقتحام لباحات المسجد الأقصى ومعه قوات كبيرة من جيش الاحتلال، ضمن الخطط الإسرائيلية وقتها الرامية لتهويد المسجد.
وتجول شارون آنذاك في ساحات الأقصى، وقال إن الحرم القدسي سيبقى منطقة “إسرائيلية”، مما أثار استفزاز الفلسطينيين، فاندلعت المواجهات بين المصلين وجنود الاحتلال، واستشهد سبعة مقاومين وجُرح 250 اخرين، كما أُصيب 13 جنديا من جنود الاحتلال .
وشهدت مدينة القدس المحتلة مواجهات عنيفة أسفرت عن إصابة العشرات، وسرعان ما امتدت إلى كافة المدن في الضفة الغربية وقطاع غزة، وسميت بـ”انتفاضة الأقصى”.
ويعتبر الطفل الفلسطيني “محمد الدرة” رمزا للانتفاضة الثانية، فبعد يومين من اقتحام المسجد الأقصى، أظهر شريط فيديو التقطه مراسل قناة تلفزيونية فرنسية، يوم 30 أيلول 2000، مشاهد إعدام حية للطفل البالغ (11 عاما) الذي كان يحتمي إلى جوار أبيه ببرميل إسمنتي في شارع صلاح الدين جنوبي مدينة غزة، لتمتد بعدها شرارة الغضب لكافة مناطق الضفة الغربية وقطاع غزة، حين نزل الفلسطينيون إلى مناطق التماس والاستيطان، في مواجهات شعبية منقطعة النظير، أسفرت عن مئات الشهداء وآلاف الجرحى في أشهرها الأولى.
وفي أول أيام “انتفاضة الأقصى” حاول الاحتلال إرهاب الفلسطينيين، لمنعهم من الاستمرار في الغضب الشعبي، فاستخدم الطائرات المروحية العسكرية في إطلاق النار، وللمرة الأولى استخدمها في قصف أهداف أرضية، سرعان ما تطور الأمر حتى استخدمتها هي وطائرات نفاثة في هجمات طالت مباني سكنية، وشهدت “انتفاضة الأقصى” كذلك قيام الاحتلال باللجوء إلى سياسة الاغتيالات المباشرة، باستخدام طائراته الحربية، فأقدم على اغتيال قادة كبار من كافة التنظيمات الفلسطينية.
وعلى مدى سنوات الانتفاضة مرت الضفة الغربية وقطاع غزة بسلسلة من الاجتياحات العسكرية الإسرائيلية لمناطق السلطة الفلسطينية، أبرزها عملية السور الواقي، وفرضت حصارا عسكريًّا مشددًا على الأراضي الفلسطينية، وفصلت المدن عن امتدادها الريفي لمدد طويلة.
وشرعت سلطات الاحتلال في بناء جدار الفصل العنصري في الضفة الغربية المحتلة في صيف 2002، ليبلغ مجمل طوله نحو 703 كيلومترات، يتلوى حول الضفة الغربية وداخل أراضيها، ويقتطع مساحات منها ليجمع المستوطنات في كتل، ويباعد بين المدن والقرى الفلسطينية.
وتكاد تكون الأحداث التي جرت قبل عشرين عاما وكانت سببا لاندلاع الانتفاضة الثانية، متطابقة مع الأحداث الحالية، لجهة الجرائم الصهيونية المتصاعدة بحق الفلسطينيين وحقوقهم التاريخية المشروعة، حيث تتسارع أعمال الاستيطان بشكل جنوني، خاصة مع إعلان الاحتلال خطته الرامية لضم 30% من مساحة الضفة الغربية، وسط تلقيه دعم عربي كبير، تمثل في عمليات التطبيع المجانية الجارية، إضافة إلى تصعيد الاعتداءات الممنهجة على المسجد الأقصى وجميع المقدسات الإسلامية بهدف تهويدها، فهل يشعل الفلسطينيون انتفاضة جديدة ضد ممارسات الاحتلال، وردا على عمليات التطبيع المجانية، خاصة في ظل توحد الفصائل الفلسطينية على موقف مناهض لمخططات الاحتلال؟.
