الثورة اون لاين- سلوى الديب:
“ستكون إساءة إلى الشعراء كما إلى الفلاسفة إن نحن عملنا على التمييز بينهم ..
لاشك أن الشعر والفلسفة خطابان معرفيان، وكل منهما ممارسة إنسانية دالة على نشاط عقلي ووجداني، فسؤال الوجود مثلاً سؤال فلسفي ، والسؤال عن الحقيقة والطبيعة والموت والحياة والحرية والمنفى والاغتراب لكنها أسئلة منشؤها التفكير في الكينونة، فهي أسئلة تحوز على قدر من الرؤية الفلسفية” كانت هذه الأسئلة العميقة التي طرحت في مقدمة المحاضرة القيمة التي ألقاها الأديب محمد الفهد في فرع حمص لاتحاد الكتاب العرب تحت عنوان “الشعر والفلسفة”سنقتطف بعض ما ورد فيها:
اعتبر الفهد أن سؤال الشعر، في أحد جوانبه الباحثة عن الحقيقة أو المعرفة سؤال فلسفي، بناء فكري فلسفي ورؤية للعالم والذات إذ لم يعد العقل والفكر منفصلين عن الخيال والحدس لأن الخيال يصبح آلية من آليات توصيل الفكر وتأسيس الوجود بالفعل، أي تأسيس الواقع عبر التخيل، آية ذلك أن هذه الأبنية الاستعارية والصورية في الشعر لا تقوم إلا على تصورات معرفية، فالشعر قد يلهم الفيلسوف، والفلسفة قد تزود الشاعر وتعرفه بأشياء كثيرة أقلها الرؤية حين يطرح كل منهما أسئلة الوجود والحياة والموت والمصير.
ويتناول الرؤيا والمعرفة الحدسية قائلاً: وإذا ما تذكرنا أن الرؤيا نوع من المعرفة الحدسية التي تخرج التجربة الفنية من حرارتها الأولى وصدقها الحقيقي ، أدركنا مدى الصلة الوثيقة بين الشعر والفلسفة، وإذا كانت الفلسفة تبدأ بالسؤال عن : الحرية والهوية والوجود والكائن ، فإن هذه المعطيات تسري في جوهر الشعر الخالص.
ويتحقق التقاء الفلسفة والشعر بوصف الأخير فناً، إذ يرتبط الفن بمحاولة الإنسان التغلب على اغترابه وتشيئه، وهذا ما أشار إليه هيجل ، حين ربط الفن بمحاولة الإنسان القضاء على اغترابه وتشيئه عبر طريقين ، النظر والعمل وفي المجال النظري يعبر الإنسان عن الفن والفلسفة وهما شكلان لكن جوهرهما واحد.
وتناول علم الجمال: أما علم الجمال فهو منطقة لقاء بين الفلسفة والشعر ، ويمكن القول بأن الفلسفة تتوحد في التكوين والنشأة مع الشعر، والشعر يريد من الفلسفة معرفة الوجود، من أجل الوصول إلى جنة الحياة والفردوس المفقود.
وبهذا يغدو الشعر معرفة وليس دعوة للتأمل فقط بل ممارسة أصيلة للحياة واشتباك معها كأنه أي الشعر فعل إعادة ابتكار لصورة الكاتب الفيلسوف وهي الصورة التي كرسها فلاسفة مبدعون.
ولعل قارئ محمود درويش يدرك أن الشاعر قرأ وعاين وتثقف وشكل ذاتاً معرفية، وأفاد من الفلسفة في تلوين فضاءاته الشعرية، بخلاصات الفكر الفلسفي والحكمة …
ويختتم عن درويش : يستحضر درويش كل الوجوديين الذين أحبوا الحياة ودعوا إلى التلذذ بمباهجها ليتوحد معهم في لحظة ميلاد جديدة ، بدءاً من طرفة ابن العبد مروراً ببطلي الأسطورة الرافدية جلجامش وأنكليدو رامزاً بالروح لجلجامش وبالجسد لانكيدو..
طرح الفهد الكثير من الأفكار الشيقة بحضور العديد من الأدباء والمهتمين مع الالتزام بقواعد السلامة والتباعد المكاني.