الثورة أون لاين- رشا سلوم:
تحتفي روسيا هذه الايام بولادة شاعرها الكبير الذي قضى منتحرا (سيرغي يسنين ) ويعرفه القاريء العربي من خلال ما ترجم له من مجموعات شعرية , ومن المواقع الالكترونية التي تحتفي به كل عام , ففي صحيفة المثقف يكتب محمد السعدي عن حياته قائلا :
ولد يوم ٣ تشرين الاول العام ١٨٩٥ في بلدة ريفية (قسطنطينوفو) تقع على ضفة نهر (أوكا) في ناحية (ريازان) وسط روسيا، وأنتحر يوم ٢٨ ديسمبر العام ١٩٢٥في فندق (إنغليتير)، وفي أحد غرفه عثر عليه متدلياً بحزام حقيبة على عمود للتدفئة الكهربائية، الهوتيل الذي هدم لاحقاً عام ١٩٨٧ في العاصمة القيصرية (بطرسبورغ). والذي شهد مشهداً تراجيدياً بأنتحار شاعر جميل وشفاف ورقيق عن عمر ناهز ثلاثون عاماً في قمة فتوته وأبداعه وعطائه، ويعتبر من ألمع شعراء روسيا، لكن هناك من يعتقد أنه قد قتل في زحمة الصراعات السياسية أنذاك، حيث التحولات السياسية الكبرى على أرض روسيا تمخضت عنها ثورة أكتوبر العظمى، والذي كان من الداعيين لها ومؤيديها لكن سرعان لم يجد لنفسه مكاناً بها
وهذه تركت تداعياتها السلبية على مجمل حياته. تزوج في وقت مبكر من أمرأة في فوران شبابه وأنجبت له ولد وبنت وبسبب هذياناته وسكره وعربدته هجرها في ظروف صعبة جداً رغم ميله الديني والأيمان بالخالق عكس أقرانه من الادباء والشعراء وعلاقتهم بالجمال، أعتبر من شعراء الطبيعة الروسية بما تتميز به أشعاره من صفاء وجمال. تعرف وأتخذ منها كزوجة الراقصة والفنانة الامريكية (إيسدورا دونيكان) وهاجر معها الى أوربا وأمريكيا، لكنها لم تتحمل فوضويته رغم أنها تكبره ب ١٨ عاماً.. عاد الى الاتحاد السوفيتي بعد أن هجرته زوجته الامريكية. عاد وفي داخله ندم ورغبة بالعودة الى زوجته الروسية أم أولاده فاصطدم بالواقع حيث وجدها متزوجة من رجل أخر، فلم يبق أمامه خيار الا توديع أطفاله وبعد يومين شيع نبأ أنتحاره. رغم قصر حياته، لكنه تعرض الى ثلاثة زيجات فاشلة، قد تكون واحدة من الاسباب كما تعزى له هو أدمانه على الكحول.
أما مجلة نزوى التي خصصت له حيزا واسعا من الدراسة فهي ترى أن بزوغ نجم “يسينين ” “غير الآفل أعجوبة فائقة ما يبررها، فقد أصبح الشاب، “يسينين ” القادم من عمق أدغال الريف نجما شعريا وأدبيا وحياتيا في زمن عمته نجوم شعرية غفيرة، ونضح بمدارس أدبية شتى.
فطبيعة الحياة الروسية الريفية الأخاذة عمقت حس الشاعر بالجمال، وحرضت روحه على التوق الأبدي للحرية : غالبا ما كان يسينين يتهرب من وطأة الدوام المدرسي أثناء دراسته الثانوية في مدرسة داخلية لتأهيل المعلمين، ليعتق روحه في الطبيعة. متمتعا بمشهدها الخلاب، يكتب في إحدى رسائله لصديقه : أدبي توق أن يأتي سريعا للخلاص من هذا الجحيم ” يقصد ضرورة الانصياع للدوام المدرسي.
والحرية ذاتها تحرض الشاب، “يسينين ” لمغادرة العمل مع أبيه الذي كان يعتقد أن الشعر لا يطعم صاحبه خبزا أسود، فيندلع الخلاف بينهما حادا وشاحبا، فيغادر الشاعر الغرفة التي استأجرها له والده، ليفرق في حالة فاقة وتشرد ثقيلة مستسلما لقدره الذي يقوده أخيرا ليتعرف على الشاعر “سيرغي كاشكاروف ” الرب الروحي لحلقة “سوريكوف الأدبية “، فيدعوه للعيش معه، بعد أن يؤمن بنضوج موهبة “يسينين “، فينتسب الى حلقته.
ثم يعمل “يسينين ” في مكتبة ويعافا مدققا في مطبعة
من شعره
شاحب يتعمق في الطرق المرعبات
وفي روحه تتناسل أشباح شتى
وفي صدره لطمات الحياة تدق
وقد جرح الشك خديخ
حائرة خصلاته وجبهته بتجاعيدها سامقة
لكن احلامه الصافيات
اللواتي اضطر من بلوحاته الممعنات بهاؤه
يجاس في ركن علية ضيقة
وبقايا الشموع تغبش ألحاظه
في يده قلم من الرصاص