الثورة اون لاين – هفاف ميهوب:
أن تحيا بلا عقل، مستلب الإرادة في عالمٍ إجرامي ولا أخلاقي، تتشارك وكالات استخباراته مع قادته، في صناعة كل ما ليس له علاقة بالإنسانية.. أن تحيا في هكذا عالم، يعني أنك تعيش “غيبوبة الولايات المتحدة الأمريكية”.
إنها الغيبوبة التي ما كان للكاتبة الأميركية “كاثي أوبراين” أن تصحو منها، لولا أن أنقذها “مارك فيليبس” الذي يعمل في “بحوث التحكم بالعقل” لدى وزارة الدفاع الأميركية، والذي قام وإياها بعد أن هرّبها وابنتها من معسكر اعتقالهما، بتأليف كتاب بدأه بموجز عن هذه الغيبوبة التي يتنافى الحديث عنها مع شروط عمله القائم على السرية:
“يقدم هذا الكتاب بالدرجة الأولى سيرة ذاتية لـكاتبة، لم تتقدم طوعاً لخدمة بلدها، لكنها سخرت لإدامة النشاط الإجرامي لمن يقال أنهم قادة الولايات المتحدة.. إن هؤلاء القادة “الخونة” أجبروها على التطوع لتقديم خدمة سياسية لبلدنا، ولذا يجب أن يحاسبوا على أفعالهم. لقد كرسنا حياتنا لتحقيق العدالة، لكن كل الطرق المؤدية إلى العدالة والطمأنينة وإعادة التأهيل، سدت لأسباب تتعلق بالأمن القومي، والسؤال الذي يتبادر للذهن: أمنُ من؟!!..
هكذا يقدم “فيليبس” للكتاب الذي تروي فيه هذه الكاتبة، وبعد أن استعادت وعيها وأفاقت من غيبوبتها، والتي تعتبر الناجية الوحيدة من عملية “مونارك” أي “التحكم الحكومي الرسمي بالعقل”.. هكذا يقدم، للكتاب الذي تروي فيه يومياتها وخبراتها وكيفية قيام حكومة الولايات المتحدة باستعبادها واستغلال عقلها.. تروي أيضاً، سوء المعاملة والتعذيب الذي تعرضت له، وسواء بالكي وصعقات الكهرباء، أو الحرمان من الطعام والشراب، وكل ذلك من أجل إخضاعها وإجبارها على تنفيذ مايطلب منها، وتنفذه باستلابٍ وعماء.
“يلجأ قادة الولايات المتحدة الأميركية، إلى كافة الوسائل المشروعة واللامشروعة، لفرض هيمنتهم وإقامة ما يسمى النظام العالمي الجديد، وأغرب ما تم الكشف عنه مؤخراً، نظام البرنامج المعروف لدى وزارة الدفاع الأميركية بـ “مونارك” الذي يعتبر تقنية متطورة للتأثير نفسياً وجسدياً بالإنسان، حيث يتم التلاعب بعقل فرد أو أمة من خلال التحكم بالمعلومات عن بعد، واستخدام طقوس دينية ذات طاقة إيحائية عالية، وباستخدام الصدمة يتم التحكم بالإنسان بشكل تام”.
هي فعلاً غيبوبة. لكن، وإن ظنّ من تلمس سرّيتها وتفاقم بشاعتها، بأنها مجرد قصص من صنع خيال كاتبتها، إلا أنه سرعان مايدرك بأنها أحداث وقعت بالفعل مع الكاتبة التي وثّقتها بالصور والمستندات الرسمية.. الأهم، بأقوال “شهود مازالوا أحياء، وضحايا لا زالوا ينتظروا من ينقذهم من الغيبوبة الأميركية”.
لم تتوقف “كاثي” لدى عرض سيرتها وتجربتها وكيفية استلاب عقلها والتحكم بإرادتها وقراراتها، بل سردت أيضاً تفاصيل ما رأته من شذوذ غالبية قادة أميركا، ممن ذكرت أسماءهم وعلاقاتهم بملوك ورؤساء في العالم العربي والغربي، إضافة إلى صفقات المخدرات والأسلحة، التي يشرف عليها القادة الذين فضحت تجاوزتهم والأعمال الوضيعة التي يتكتمون عليها، بذريعة حفظ الأمن القومي.
“يتضمن برنامج” مونارك” لاستعباد النساء والأطفال الذي تجريه المخابرات الامريكية بالكثير من السرية، إزالة الشخصية الحقيقية عن طريق خلق شخصيات خاضعة ومهووسة بأفكار معينة، يتم تحديدها وبرمجتها مسبقاً، وهي الطريقة المتبعة في برمجة الانتحاريين الذين يستخدمونهم للاغتيالات”.
ببساطة، هي غيبوبة الوعي العقلي، وصحوة الأنا المرضي.. غيبوبة كل من تسعى أميركا لجعله ضمن سيطرة “النظام العالمي الجديد” وصحوة كل من تمّ إنقاذه، من الصدمات النفسية والعقلية التي تعرض لها في “معسكرات العبيد”.