الثورة اون لاين:
ينشغل الوسط الثقافي والأدبي قبيل نهاية كل عام بالعديد من الجوائز التي تمنح ولكن الاهتمام ينصب على نوبل للآداب اكثر من غيرها ..وذلك لأكثر من سبب لعل في مقدمتها تاريخها الطويل ولا أقول العريق، وكذلك قيمتها المادية والضجيج الإعلامي الذي يرافقها وما تقدمه من ميزات لحاملها من حيث الحضور العالمي توزيعا لمنشوراته وبحثا فيها ..
يعني أنه أخذ جواز مرور إلى دائرة الضوء لفترة طويلة من الزمن ..وعبر تاريخ نوبل للآداب نالها كثيرون ممن يستحقونها بجدارة ..وآخرون لم يكن يسمع بهم أحد ولكنها العوامل التي تحكمها ..وكذلك رفضها كتاب ومفكرون لعدم إيمانها بها ..
بكل الأحوال يعرف الجميع انه ما من جائزة بريئة من المواقف السياسية والعلاقات الشخصية وغير ذلك من عوامل بعضها يظهر مباشرة دون عناء بحث كما يحدث في الجوائز العربية ..
إذ تبدو العلاقات الشخصية وما يتبعها الأساس منحها ولا تبتعد جوائزنا في سورية عن هذا ..
وقد رأينا أسماء منحت جوائز قد لا تستحق الوقوف على رصيف الانتظار وأهملت أسماء مهمة جدا ..وهذا طبيعي في ظل غياب معايير حقيقية..
اما في الكثير من الجوائز الغربية وكلها تمنح ضمن دائرة المحسوبيات ..يتم العمل على تمويه ذلك ..
وبالعودة إلى نوبل وموسم منحها وتباكي الكثيرين عليها لابد من القول بكل صراحة ..انها لولا قيمتها المادية وحضور من تمنح له ما كان المبدعون العرب ليهتموا بها.
وفي قائمة المبدعين العرب من هو أهم وأكبر وابعد غورا من كل الجوائز..بل إن منحه اياها يشرفها هي ..هل نذكر ..نزار قباني.. بدوي الجبل ..بدر شاكر السياب ..معين بسيسو ..امل دنقل ..حنا مينة ..حيدر حيدر..يوسف إدريس…نازك الملائكة..الجواهري..الأخطل الصغير..غادة السمان…حليم بركات …
اي واحد من هؤلاء والقائمة طويلة هو فخر لنوبل ولن تضيف له إلا الحالة المادية وتسليط الضوء الذي حاولنا اخفاته ..
أما وقد يسأل أحد ما لماذا لم أذكر محمود درويش ؟ فالأمر إن محمود درويش عاش وهمه بعد أوسلو وترجم قسما كبيرا من شعره إلى الفرنسية بناء على طلب…شرط ألا يتضمن الشعر المقاوم ولهذا نحا في الفترة الأخيرة إلى ما أسماه..
وصرح انه لو أتيح له لتوجه إلى حذف نصف شعره وتوجه إلى الشعر الصافي فقط ..
اما أدونيس فهو الشاعر العربي العالمي بامتياز بما قدمه خلخل المألوف وحطم قوالب جاهزة وابتكر الجديد ..
وهو أكبر من الجوائز لكن ما نراه من أحقاد يصبها البعض عليه لأسباب كثيرة يتوجه آخرون بالحديث عن انه مرشح دائم لها وطرحهم هذا ليس إلا نوعا من الخبث ..
تجاوز أدونيس الجوائز كلها وهو بإبداعه جائزة لأي جائزة تمنح له …
اما وقد منحت هذا العام لشاعرة أميركية فهذا يعني رسالة مهمة للعالم كله ..بخلفية سياسية متقنة ..وهي صفحة من تبييض تاريخ الولايات المتحدة فهي تقول ..ليست اميركا سلاحا وهيمنة وتوحشا واستهلاكا ..هي ثقافة وإبداع ..هذا جزء من الرسالة ..
وربما علينا نحن أن ندعو من يهمه الأمر في الوطن العربي الأطراف أن تؤخذ الرسالة بعين من يجب أن يعمل على رعاية الابداع والثقافة والفكر ..
باختصار…الجوائز قيمة مادية ورصيد إعلامي كبير لمن تمنح له بغض النظر عن استحقاقه لها ام لا ..
وربما يمكن إسقاط ما قاله رئيس وزراء بريطاني سابق أظنه تشرشل من انه لا يثق إلا بالانتخابات التي يزورها بيده …نعم هذا جزء من المشهد وليس إلا ما ظهر .