الساحل احترق بطبيعته وجباله وغاباته ومحمياته، أما غابات اللاذقية تحديداً فقد تفحّمت في موجة الحرائق الثانية التي أكملت ما بداته الموجة الأولى منها قبل أشهر..
منذ أشهر رمينا العبء والمسؤولية على درجات الحرارة ولم نتعلم من الدرس بل استمر كل معني من المعنيين -وما أكثرهم- بالتنظير عن الحرارة وما تشكله قطع الزجاج من بؤرة تركيز حرارية كافية لإشعال النار.. فماذا عن اليوم؟.
احترقت في الموجة الأولى هكتارات ولم يكلف مسؤول خاطره بالمتابعة الحقيقية لا المكتبية عما يمكن اتخاذه في حال تكرار السيناريو، بل لم يقم مسؤول في الزراعة أو الإدارة المحلية بوضع خطة طوارئ لمواجهة موجة حرائق ثانية محتملة، أما إن وضع أي منهما خطة وحدث ما حدث اليوم فلا يتصور العقل شكل العقوبة التي يرجوها المواطن له..
منذ سنوات خلت قاتلت وزارة الزراعة قتال الأبطال لتحصيل ما اعتقدته حقاً لها في تنفيذ السدات المائية في المناطق الزراعية والحراجية وتحديداً الجبلية منها وحصلت عليها يومذاك مع ميزانياتها.. واليوم وغاباتنا تحترق وتتفحّم يتبين لنا مقدار التقصير في غياب أي تنفيذ لتلك السدات -إلا ما يصلح للتصوير بجانبه- والتي كان يمكن لها ان تساهم بإطفاء الحرائق بنسبة لا تقل عن النصف لكون كل منها تستوعب مليون ليتر من مياه الأمطار السيلية ما يعني توافر المياه ولو بالقوارير أو العلب البلاستيكية في متناول كل مواطن على امتداد الساحل ليطفئ ولو شعلة نار..
المحاصيل التي تعتاش منها الفئات الأكثر فقراً في سورية قد رمّدت.. والأراضي التي شكلت حلم كل متطلع للحياة ليبني من مردودها ما يكفيه مؤونة الموت جوعاً قد تلاشت.. فماذا اليوم؟ ومن سيعوض؟ وإن عوضت جهة حكومية ما عن الماديات فمن سيعوض سورية عن رئتها الطبيعية التي تختنق بالدخان وقيح الإهمال؟
لا بد من مراجعة ملف السدات المائية ومحاسبة من كان قائماً عليه ولعل ذلك يقينا شر موجة الحرائق الثالثة التي لا بد مندلعة في غياب ما يمنعها.
الكنز- مازن جلال خيربك