ثورة أون لاين _ فؤاد مسعد:
عادة ما تترك الأعمال التي يتصدى لإخراجها بصمة خاصة محققة حضوراً نقدياً وجماهيرياً هاماً ، يثير من خلالها قضايا وأفكاراً يتناولها بأسلوب بصري مختلف تلامس هموم الناس وأحوالهم ، قدم أعمالاً ستبقى في الذاكرة ، منها (ورد أسود ، فوضى ، بانتظار الياسمين ، حائرات ، وراء الشمس ، قاع المدينة ..) وغيرها الكثير ، إنه المخرج سمير حسين الذي يتصدى اليوم لعمل تأجل إنتاجه عدة سنوات لأسباب عدة ، لكنه حط الرحال أخيراً بين يديه فتبناه وانحاز إليه لما يحمله من روح وحياة ورؤى وأفكار ، المسلسل الذي تنطلق عجلة تصويره قريباً بقيادته يحمل عنوان (الكندوش) ويؤدي أدوار البطولة فيه ثلة من نجوم الفنانين إضافة إلى جيل شاب يُعقد عليه الأمل خاصة أن البطولة جماعية .
هي تجربة جديدة بعد أعمال حملت في غالبيتها الطابع الاجتماعي المعاصر ، وهنا يطرق باب الدراما التي تجري أحداثها في الحارات والبيوت الشامية ، وتعود في الزمن إلى ثلاثينيات القرن الماضي ، لكنه يشدد على أن ما يحمله العمل الجديد بعيد بشكل كبير عن المفردات التي تطرحها أعمال تدور أحداثها في البيئة الشامية ، فهو عمل إنساني بامتياز يتناول موضوعة الحب ويعيد صياغتها بطريقة تحترم عقل وذهنية المتفرج ، أما عن سبب تسمية العمل بالكندوش ، وهل هناك تبرير درامي ضمن الأحداث يترجم العنوان ، يقول : الكندوش وعاء خشبي كبير وعريض من الأعلى له ثلاثة مآخذ أو أكثر ، يضعون فيه الحبوب من عدس وحنطة ويخزنونها فيه ويقومون بتوزيعها فيما بعد ، وتاريخياً كان الأثرياء في دمشق لديهم الكندوش ، ومن باب العطاء والمحبة السائدة بين الناس كانوا يوزعون مما فيه على المحتاجين بحيث تأخذ الأسر المحتاجة حصصا منه بإشراف المختار ، فالعمل يذهب باتجاه تكريس فكرة العطاء والمحبة ، خاصة أن الشخصيات معظمها لديها هاجس العطاء ، ومنها شخصية عزمي بك ، وتتمحور الصفة الأساسية للصراع حول موضوع العطاء والخير عبر حالة من الطرافة ، وهناك صراعات مهمة فالشر موجود ، حتى أنه في مرحلة ما يتم حرق الكندوش .
حول مدى حضور الطابع الفلكلوري على المستوى البصري في العمل يشير المخرج سمير حسين إلى أنه حاضر من خلال استحضار الأستاذ حسام تحسين بك الإرث الغنائي والطقاطيق الغنائية الموجودة آنذاك ، كما أنه حاضر عبر المهن ، فهي المرة الأولى التي يتم فيها طرح موضوع المهن بهذه الطريقة من باب التراث والفولكلور ، فالعمل يشير إلى آلية النفخ بالزجاج وكيفية صنع الطرابيش ، وعن تبرير وجود هذه المهن في صلب المسلسل يؤكد أن أصحابها هم شخصيات لها مكانها وخطها الدرامي فيه . ويشير المخرج سمير حسين إلى جدية العمل لأن يظهر الديكور مطابقاً لمرحلة ثلاثينيات القرن الماضي الزمن الذي تدور فيه أحداث العمل ، موضحاً أن المعادل المكاني لمواقع التصوير غير متوفر حالياً ، لذلك تم اللجوء لبناء الديكور ، يقول : تم بناء حارات مدهشة فيها إبداع حقيقي ، فمهندس الديكور د.فؤاد دحدوح ذهب باتجاه التوثيق والأرشفة ، من عواميد الكهرباء التي كانت سائدة آنذاك والمزاريب في الحارة ، إضافة إلى أمور كثيرة كنا نسمع عنها ، أما البيوت الدمشقية ، فهناك بيوت لاتزال موجودة في القشلة والقيمرية وباب شرقي والمهمة ضمنها تصميم مفروشات وإكسسوارات لها علاقة بتلك المرحلة .