الثورة أون لاين – فؤاد الوادي:
ظهر جلياً خلال الأيام القليلة الماضية تلويح الرئيس الأميركي دونالد ترامب بخيار البلطجة في حال فاز خصمه جو بايدن بالانتخابات الرئاسية، ترامب قالها للأميركيين وبكل صراحة إما أن يكون هو الرئيس الأميركي المقبل، أو أن تكون الفوضى العارمة والعصابات، والتطرف الذي قد يدفع بالولايات المتحدة إلى المجهول.
فخلال المناظرة الأولى بين ترامب ومنافسه بايدن قاطع الأول خصمه 73 مرة، وهذا الأمر في علم السيكولوجيا له دلالاته البعيدة والعميقة، حيث يدل على سلوك عدواني وتوتر واضطراب في الشخصية وانفصام بين السلوك والعقل، والأهم من ذلك أنه يدل على أن صاحب هذه الشخصية يمتلك مخزوناً هائلاً من العنف والتطرف والاستشراس.
شخصية ترامب العنيفة التي باتت مرآة لشخصية مصاصي الدماء بالأفلام الأميركية، تفتح الباب على عدة خيارات قد يلجأ إليها في حال شعر باللحظة الأخيرة أنه قد يخسر الانتخابات، وعلى رأس تلك الخيارات التهديد بالفوضى والتطرف مستندا في ذلك إلى قاعدته اليمينية المتطرّفة وإلى تلك الميليشيات العنصرية البيضاء التي هدد بها معارضيه في حزيران الماضي في أعقاب موجة الاحتجاجات التي شهدتها الولايات المتحدة على خلفية مقتل المواطن الأميركي من أصل أفريقي جورج فلويد على يد ضابط شرطة، لاسيما وأن اليمين المتطرف الأميركي يحمل رصيداً كبيراً من أعمال القتل و العنف والشغب والفوضى والعنصرية تجاه الملونين في أميركا.
إلى جانب خيار الفوضى يراهن ترامب أيضاً على خيار (الناخبين الصامتين) الذين يشكلون أغلبية في المجتمع الأميركي والذين قد يغيروا رجحان كفة التصويت في اللحظات الأخيرة، لاسيما وأن تجربة الانتخابات الرئاسية الماضية عام 2016 ما تزال ماثلة وبقوة في الأذهان، وما تزال تفرض حضورها على طاولة الانتخابات الرئاسية، ولعل الكثيرين يذكرون ماذا حصل حين بدأ الحزب الديموقراطي احتفالاته ابتهاجاً في انتظار إعلان فوز المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون آنذاك، إلا أن ما حصل هو العكس، حيث فاجأت النتيجة كل التوقّعات، لتصبّ في مصلحةِ ترامب الذي رجحت “الغالبية الصامتة” كفته في اللحظات الأخيرة.
لقد بدا واضحاً أن ترامب يخوض انتخابات الرئاسة لهذا العام بإرث سياسي من الإخفاقات الداخلية والهزائم الخارجية، التي سببتها سياساته وقراراته الكارثية، وهو يحاول إنقاذ نفسه ببعض الانجازات في السياسة الخارجية، من خلال دعم مسلسل التطبيع وتصفية القضية الفلسطينية بإضافة عدد من دول “الاعتدال” إلى قائمة المطبعين، ليقنع اللوبي الصهيوني المتحكم في أميركا بجدوى انتخابه لولاية ثانية، وهو ما قد يمكنه من الحصول على نتيجة مخالفة لاستطلاعات الرأي التي تميل نحو بايدن، وذلك بغض النظر عن آراء ورغبات الشارع الأميركي التي أظهرت استياء عاما من سياساته داخليا وخارجياً.
يشار أن المناظرة الأخيرة بين ترامب ومنافسه بايدن لم تغير شيئاً في استطلاعات الرأي التي تميل بصورة مريحة نحو بايدن، رغم محاولات ترامب اليائسة اقناع الأميركيين بصوابية سياساته فيما يخص فايروس كورونا ووعوده بقرب انتاج اللقاح المضاد، وقد شهدت المناظرة تبادلاً للاتهامات بين المتنافسين في العديد من القضايا، حيث اتهم ترامب بايدن بالفساد، في حين اتهمه الأخير بالتهرب الضريبي والاستخفاف بفايروس كورونا الذي أودى بحياة 220 ألف اميركي، وفي موضوع العنصرية أقر بايدن بوجود عنصرية مؤسسية في الولايات المتحدة متهماً ترامب بأنه واحد من أكثر الرؤساء عنصرية في التاريخ، ليرد عليه ترامب بأنه الأقل عنصرية في قاعة المناظرة، ( زاعماً ) أن أحداً لم يفعل أكثر مما فعل من أجل مجتمع الأفارقة الأمريكيين