الثورة أون لاين- فؤاد الوادي:
فيما لا يزال مصير وقف القتال بين الدولتين الجارتين أذربيجان وأرمينيا مجهولاً ، تتوالى التطورات الميدانية والسياسية بأبعادها الدولية التي أدخلت الصراع في نفق مظلم وطويل قد يؤدي إلى تعقيد وتشابك المسائل أكثر وأكثر ، بما يدفع بالنزاع الى أن يكون أكثر دموية وكارثية على كافة الأطراف .
التدخل الأميركي كان ولايزال هو الأبرز ، وهذا يعزى كما بات معروفاً الى الطموحات والمصالح الأميركية بالحضور والتواجد في جميع أماكن النزاع والصراع ، لا من أجل حل القضايا وإحلال السلام ، بل من اجل صب الزيت على النار ، والدفع بالأمور الى التصعيد أكثر وأكثر ، بعد أن بات ذلك هو الخيار والطريق الوحيدة للولايات المتحدة للتسلل والولوج الى كل المناطق المشتعلة ، فالفوضى والحروب هي السبيل الوحيدة لأميركا للاستثمار والاصطياد والتصيد واللعب على حبال الابتزاز السياسية والاقتصادية والجيوسياسية .
بالتوازي مع التدخل الأميركي ، كان التدخل التركي حاضراً وبقوة ولأغراض وأهداف استعمارية لا تقل دناءة ، حيث يجهد النظام التركي لتحقيق حضور فاعل ومؤثر على المسرح الإقليمي والدولي ، بما يمكنه من خلق مساحات جديدة للمناورة والابتزاز والتصيد في هوامش الصراعات والنزاعات الدولية ، لاسيما بعدما ارتفع رصيد هزائمه في المنطقة ، فهو بات على يقين من هزيمة مشروعه في ليبيا ، وقبلها في المتوسط ، ولاتزال هزيمته في سورية متدحرجة ومتواصلة .
ترامب المهزوم والخاسر داخلياً ، بعد الإخفاقات الكبيرة التي ارتكبها خلال ولايته الرئاسية ، سواء على المستوى الداخلي أم على المستوى الخارجي ، والتي باتت معروفة للجميع ، يحاول البحث عن إنجازات أو انتصارات تغير من معادلات الصندوق الانتخابي ، لذلك نجده يبحث عن أي انتصار يقلب رأي الشعب الأميركي الغاضب من سلوكه وتصريحاته بحسب استطلاعات الرأي الأميركية ، من هنا كان تدخله في نزاع إقليم ناغورني قره باغ ذا أهداف انتخابية محضة وليس له علاقة بحل النزاع والصراع ، لذلك اتخذ طابع الضغط والتهديد لكلا الأطراف المتنازعة ، ولعل هذا هو السبب المباشر في فشل الاتفاق الأخير الذي جرى في واشنطن .
أردوغان كذلك يبحث عن إنجازات وهمية تنزله من أعلى الشجرة ، لاسيما بعد أن بات معزولاً على المستوى الدولي نتيجة سياساته الاخوانية والعثمانية التي أحرجت شركاءه وحلفاءه في الإرهاب ، لاسيما الجانب الأوروبي الذي اعتبره خطراً كبيراً على مصالحه في المنطقة والعالم ، ولعل ممارسات الأخير الإرهابية قد فتحت عليه جبهات كثيرة ومن كل الجهات ، خاصة من حلفائه الأوروبيين الذين كانوا حتى الأمس القريب شركاءه في الحرب على سورية ، ولعل السبب في استشراس أردوغان نحو التصعيد في كل المناطق هو شعوره بأنه بات خارج المعادلة الدولية بعد هزيمته في ليبيا .
آخر المعلومات والمعطيات تتحدث عن فشل الهدنة للمرة الثالثة بين أذربيجان وأرمينيا ، في ظل تبادل وتراشق الاتهامات بين الطرفين بانتهاكات وقف إطلاق النار ، وسط تصاعد القتلى والجرحى بين الطرفين ، وكان قد تمّ التفاوض على اتفاق وقف النار الأخير نهاية الأسبوع الماضي في واشنطن ، بعد أن تمّ التوصّل إلى أول هدنة بين يريفان وباكو في موسكو في 10 تشرين الأول ، بينما أُعلنت الهدنة الثانية في باريس في الـ17 من الشهر نفسه ، لكنها جميعاً لم تصمد حتى اللحظة ، وهذا مؤشر واضح على تضارب المصالح والأهداف بين الأطراف المتدخلة في النزاع