الإرهاب هو فعل مدان في كل مكان وزمان، وترفضه شعوب الأرض قاطبة، لما يمثله من خطر كبير يهدد الأمن والسلم الدوليين، ولكنه رغم ذلك فإنه يعتبر الورقة الأكثر استخداماً لدى الدول الغربية ذات النزعة الاستعمارية، هي تحتضنه وتموله وتساعده على التمدد والانتشار، لتنفيذ أجنداتها ومخططاتها، وغالباً ما نجد تلك الدول تمارس هذا الإرهاب بحق شعوب أخرى تحت ذرائع الديمقراطية وحقوق الإنسان وحرية الرأي والتعبير وغيرها، لتظهر نفسها بصورة المدافع عن تلك القيم والمبادئ، فيما الحقيقة أنها الأكثر انتهاكاً لتلك القيم الإنسانية.
كثيرة هي الحروب التي شنتها تلك الدول، ولا تزال، ضد الشعوب الرافضة لنهجها الاستعماري تحت أشكال وعناوين متعددة، واليوم نرى بوادر حرب من نوع آخر تمس الأديان ومقدسات الأمم، تحت يافطة حرية التعبير، علما أن تلك الدول، وفرنسا نموذجاً، تضع الكثير من القيود على حرية التعبير داخل مجتمعاتها، ومن غير المسموح لمواطنيها على سبيل المثال التعبير عن سوء سياسة حكومتهم، والعالم أجمع شاهد مؤخراً أعمال القمع الوحشية التي استخدمتها الشرطة الفرنسية ضد “السترات الصفراء”، كذلك تعتبر فرنسا ومعظم الدول الأوروبية أي رأي يمس بدع الكيان الصهيوني، أو يتناول جرائمه بحق الإنسانية، خطاً أحمر ممنوعاً تجاوزه، ويودي بصاحبه إلى غياهب السجون، والأهم من كل ذلك أن تلك الدول تعتبر أن كل من يخالف سياساتها العنصرية عدواً لها، يجب محاربته بكل الوسائل والسبل الممكنة.
العمليات الإرهابية التي تهز دولاً عدة في فترات متفاوتة، يتحمل الغرب وحده مسؤوليتها المباشرة، حيث أميركا والكثير من الحكومات الأوروبية هي من تحمي الفكر التكفيري وتحتضن متزعميه، ولطالما سخرت وسائل إعلامها للترويج لهم ولأفكارهم الهدامة، حتى أن منفذي الهجمات الإرهابية التي تحدث في فرنسا، وحصلت في السابق في عدة دول أوروبية، كانوا بمعظمهم من مواطني تلك الدول، ما يعني أنهم نتاج بيئة متطرفة في المجتمع الذي نشؤوا وترعرعوا فيه، والعديد من الإرهابيين قاطعي الرؤوس في صفوف” داعش والنصرة” كانوا أوروبيين، صدرتهم حكوماتهم إلى سورية والعراق، والأكثر من ذلك أنها بررت كل جرائمهم، ودافعت عنهم في المحافل الدولية على أنهم “معارضة”، ولكن عندما يرتكب أولئك الإرهابيون أنفسهم، الجرائم ذاتها في بلدانهم الأصلية يصبح الأمر مختلفاً تماماً، فتستنفر تلك الدول أجهزتها الأمنية للتعامل مع هذا الخطر الإرهابي، في حين أنها تحرم على الدول الأخرى التي تواجه الإرهاب ذاته، من استخدام حقها المشروع في حماية مواطنيها من هذا الإرهاب بذريعة “حقوق الإنسان”؟!.
العالم كله يعاني اليوم خطر الإرهاب، وهذا بسبب الرعاية الأميركية والأوروبية له، فحكومات هذه الدول هي من أنشأت التنظيمات الإرهابية لخدمة مصالحها الاستعمارية، تنظيما “القاعدة وداعش” خرجا من رحم الاستخبارات الأميركية التي تشرف في الوقت ذاته على حماية إرهابيي “النصرة” بالتعاون مع راعيهم التركي، و”الخوذ البيضاء” إنتاج بريطاني، برعاية أميركية وفرنسية وألمانية وبلجيكية وهولندية وغيرها من الدول الأوروبية، من دون أن ننسى طبعاً أعتى الحركات الإرهابية في التاريخ الحديث “الكيان الصهيوني”، هو أيضاً إنتاج بريطاني بحماية أميركية صرفة، وكل ما يجري من إرهاب على صعيد المنطقة والعالم لا يخرج عن نطاق تلك التنظيمات ومشتقاتها، ومن يديرها من أدوات غربية مأجورة، وعلى رأسها نظام أردوغان، والنظامان السعودي والقطري بطبيعة الحال.
نبض الحدث- بقلم أمين التحرير ناصر منذر